الدّعم الشّعبي للثّوار واللاّجئين الجزائريين بالمناطق الحدودية بالشّمال الغربي التّونسي (1957-1962)

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

بقلم: د. موسى غفيري

moussa.ghefiri@yahoo.fr

 

مقدمة:                          

بيّنت ثورة التحرير الجزائرية مدى قدرة الثوار على التحكم الجيّد في تطورات الأحداث على الأرض ودفعها في اتجاه التحرر. وهذا يترجم ارتفاع منسوب الوعي لديهم وحسن تنظمهم وقوة إرادتهم. غير أنّ طبيعة هذه الثورة التي أعطت الأولوية للنشاط المسلح وطبيعة الاستعمار الفرنسي بها (الاستعمار الاستيطاني) هي التي تفسر عنف المواجهة بين الطرفين، عنف أجبر مئات الآلاف من الجزائريين على مغادرة وطنهم واللجوء إلى الدول المجاورة (تونس والمغرب). في هذا السياق، استقبلت المناطق الحدودية التونسية – بما في ذلك مناطق الشمال الغربي- عددا هاما من هؤلاء اللاجئين وآوتهم على مدى بعض السنين إلى حين انتهاء المواجهة والدّخول في مفاوضات الاستقلال (1962).

 

ولأن موضوع الدعم والتنسيق العسكري بين التّونسيين والثوار الجزائريين كان محل اهتمام عديد الدراسات بكثير من التفصيل[1] فقد ارتأينا التركيز على الأشكال البسيطة – لكنها عميقة في مدلولها – للتضامن الشّعبي مع اللاجئين أكانت بطريقة واعية أو تلقائية، والتي تعكس في مضمونها أبعادًا ومعاني جوهريّةً تمزج بين الجانب الأخلاقي القيمي والجانب الفلسفي والإنساني والحقوقي. وقد اعتمدنا، بالإضافة إلى عدد من المراجع الهامة، بعض الشهادات الحيّة لشهود عيان تونسيين وجزائريين عاصروا تلك الأحداث أو كانوا فاعلين فيها. فماهي إذن أشكال الدّعم والتضامن الشعبي التي أبداها التونسيّون تجاه الثّوار واللاجئين الجزائريّين خلال تلك الفترة العصيبة؟

 

  • ظروف لجوء الجزائريين إلى تونس ومنطلقات الدّعم التونسي لهذه القضية

أ- ظروف لجوء الجزائريين إلى تونس

يأتي قدوم الجزائريين إلى تونس بعد سنة 1954 على إثر تصاعد وتيرة المواجهات بين جيش التحرير الوطني الجزائري والمستعمر الفرنسيّ الذي سلك سياسة القمع والتنكيل لثني عزائم الثّوار. فمن الناحية العسكرية، وعلى إثر تواترعمليّات استهداف الفرنسيين مدنيين وعسكريين من قبل الثوار، عززت حكومة مونداس فرانس قواتها المسلّحة بالجزائر إذ رفعت عددها في مارس 1955 من 56000 إلى 83400 جندي ثم لاحقًا إلى 120000 جنديّ[2]. كما انخرط في عملية التنكيل هذه أيضًا المعمّرون الفرنسيّون الذين شنوا في 20 و21 أوت 1955 هجومًا كردّ فعل تأديبي على عمليّات عسكرية قام بها الجزائريون، راح ضحيته المئات من الجزائريين وخاصة المدنيين العزّل[3].  ورغم شتى أنواع التعذيب والتنكيل التي مارسها الفرنسيون تجاه المقاومين والمدنيين على حد سواء[4] إلا أنّ هذه السياسة لم تنجح في القضاء على المقاومة المسلحة.

 

هذه التطورات الخطيرة أجبرت جبهة التّحرير الوطني الجزائري على تعديل خطّتها الاستراتيجية في المقاومة. فعلى إثر انعقاد مؤتمر صومام في 20 أوت 1956 (وهو مؤتمر سري لجبهة التحرير)، شكل جيش التحرير هيئة أركان وحيدة عهد بها إلى كريم بلقاسم وتحوّلت القاعدة الشّرقية للجيش بتونس إلى قاعدة مركزية يشن انطلاقًا منها الغارات بصفة آمنة، كما حدث سنة 1957 حين نشبت معارك عنيفة في الرّيف مع الجيش الجزائري. وقد بلغ عدد الجنود الجزائريين على الحدود التّونسية والمغربية 30.000 جندي[5]، وكان العدد المقدر لجيش التّحرير في تونس في مارس 1957 في حدود 1000 جنديّ، ثم وصل هذا العدد في أوت 1962 إلى 22100 جندي[6]. أما على الصعيد السياسي فاضطر زعماء “لجنة التنسيق والتنفيذ” بعد اعتقال بن مهيدي وإعدامه إلى مغادرة مدينة الجزائر والالتجاء إلى تونس حيث حولوا تنظيمهم هذه المرة لصالح الوفد المقيم بالخارج (9 أعضاء منهم فرحات عباس)[7].

 

أما على مستوى المدنيّين فتسببت سياسة التنكيل التي اتبعتها فرنسا تجاههم في حصول عمليات نزوح جماعي في صفوفهم منذ سنة 1955 باتجاه تونس. وهنا نتحدث عن قضية اللاجئين الجزائريين الذين تدفقوا بالآلاف بين سنة 1956 و1958 رغم أن عددهم بقي غير ثابت إذ يحصره البعض ما بين 75 و80 ألف لاجئ يتركزون في مناطق مختلفة، بعضهم لا يملك شهادة إقامة[8]، ويرتفع العدد عند البعض الآخر إلى 120 ألف لاجئ،50%  منهم كانوا دون 15 سنة[9]، فيما يرى آخرون أن العدد كان في حدود 130 ألف لاجئ[10]، بل وصل عند دارسين آخرين إلى  250.000، بينهم 40.000 يتيم (سنة 1957)[11] أو حتى إلى 300.000 فرد[12]. ورغم هذا التباين في تحديد عدد اللاجئين لاختلاف المصادر وصعوبة ضبط العدد في ظرفية الثورة كظرفية تاريخية وسياسية مضطربة، فالثّابت أن عددهم بتونس كان كبيرا يعد بالآلاف، نسبة عالية منهم استقرت بغار الدّماء التي آوت 83 ألف لاجئ، في حين لم يتجاوز عدد سكانها  15 ألف نسمة[13]. وقد انقسمت العائلات الجزائريّة الوافدة إلى صنفين: عائلات تضم لاجئين فقط وعائلات أخرى تضم ضمنها ثوارًا[14].

 

وبعيدا عن هذا التّباين في تحديد العدد الجملي للاّجئين – لاختلاف المصادر المعتمدة- فإن العدد عموما كان هامّا مما طرح على الدولة المضيفة (تونس) تحديات سياسية وأمنية كبيرة. ومن المناطق التي استقر بها هؤلاء اللاجئون المنطقة الحدودية بالشمال الغربي التونسي، من طبرقة شمالاً إلى الكاف جنوبًا. ويرجع استقرار هؤلاء في هذه المنطقة لعدة أسباب. فبالإضافة إلى القرب الجغرافي، حرصت تونس المستقلة على تركيز اللاجئين الجزائريين على الحدود خشية قيامهم بتحركات خطيرة داخل التراب التونسي بما يحول دون التجكم فيها والسيطرة عليها[15]. ففي صائفة 1958 (جويلية-أوت) مثلا وصل إلى تونس 2000 لاجئ جزائري، 290 منهم  استقرّوا بغار الدماء. وفور وصولهم إلى التراب التونسي وجد هؤلاء مساعدة كبيرة من قبل الدولة التونسية، وذلك لعدة اعتبارات تاريخية وحضارية وسياسيّة.

 

 

ب- منطلقات الدعم التونسي للقضية الجزائرية:

* الدعم الرسمي وغير الرسمي:

تجدر الإشارة إلى أن دعم الحكومة التّونسية للقضية الجزائرية يندرج في واقع الأمر ضمن سياق أوسع وأعم وهو الدّعم الدولي والعربي. فتأخر مفاوضات الاستقلال بين الجزائر وفرنسا قد جلب للقضية الجزائرية تعاطف المجتمع الدولي، إذ لم تمض سوى خمسة أشهر من اندلاع الثورة الجزائريّة حتّى بدأت هذه الثورة تحقق أولى الانتصارات الدبلوماسية من خلال الدّعم الذي وجدته في مؤتمر باندونغ في 24 أفريل 1955، كأول تجمع لمنظمة الدول الآفرو-آسيوية. فكل القوى المناهضة للاستعمار على اختلاف قناعاتها وخلفياتها وأهدافها الإيديولوجية ناصرت هذه القضية، من ذلك مثلا أن الصّين الشعبية كانت أهم دولة خارج الوطن العربي تقدم مساعدات مادّيةً وعسكريّةً وسياسيّةً للثوار الجزائريين[16]. وفي الفضاء العربي، كان الدور الأساسي للدّولة التونسية المستقلة، وإن كان الدعم السياسي والعسكري لمصر هامّا، إذ كانت القيادة الجزائرية تنشط على الأراضي المصرية، وكانت آلاف قطع السلاح تمرّ منها إلى الجزائر عبر الحدود التّونسية[17].

 

أما من الجانب التونسي، ونظرا لعدة اعتبارت تاريخية وحضارية وجغراسياسية، فكان الدعم الحكومي هامّا عسكريّا وماديّا وسياسيّا[18]. وتجدر الإشارة إلى أن الدعم التونسي انطلق مع المقاومة اليوسفية ثم واصلته دولة الاستقلال فيما بعد خاصة على إثر الاعتداءات الفرنسية على التّراب التونسي مثل أحداث ساقية سيدي يوسف (8 فيفري 1958) ورمادة (25 ماي 1958)[19]. وقد كانت القناعة سائدة لدى القيادة التونسية بأنّ استقرار الوضع بتونس يبقى رهين الحسم في القضية الجزائرية، بمعنى حصول الشّعب الجزائري على إستقلاله. هذا ما عبّر عنه الحبيب بورقيبة في خطاب له في 16 أكتوبر 1958 حين اعتبر بأنّ “أمن تونس من أمن الجزائر، وأن تواصل الحرب الجزائرية يهدد في العمق أمن تونس”[20] التي خرجت للتوّ من المحنة الاستعماريّة وتستعد لخوض معركة إعادة البناء التي تتطلّب حدّا أدنى من الأمن والاستقرار.

 

لكن رغم الخطر الذي كان يهدّد البلاد من حدودها الشّرقية والغربيّة، ورغم معاقبة فرنسا لتونس على مساعدتها للجزائر، فإنّ هذا الأمر لم يثن القيادة التونسية على قرارها دعم هذا الشّعب الشقيق على التحرر تمهيدا لإقامة مشروع “المغرب العربي الكبير”. كما أنّها كانت تستحث المواطنين على واجب الحذر والأهبة لحماية تونس وحدودها طالما ليس للبلاد جيش قوي قادر على حمايتها[21]. وهكذا كانت الدبلوماسية التونسيّة تتأرجح بين البعد المغاربي وحماية النّفس. كما وجدت هذه القضية مساندة كبيرةً من طرف الشخصيات والجمعيات والمنظمات الوطنية التونسية مثل الاتّحاد العام التونسي للشغل والاتّحاد العام لطلبة تونس[22]، واتّخذ  التّضامن الشعبي أشكالا مختلفة، من ذلك المساهمات المالية والعينية والقيام بمظاهرات ومسيرات مساندة[23]. ولئن كانت هذه المساندة الرّسمية وغير الرسمية ظرفيّة في عمومها فإنّ الدّعم الذي لقيته هذه القضية من قبل سكان المناطق الحدودية بالشّمال الغربي التّونسي (كما ببقية المناطق الحدودية) كانت أشد وأعمق لأنّهم في تماس مباشر ويومي مع اللاجئين وفي كل تفاصيل الحياة اليومية.

 

* البعد التاريخي لهجرة الجزائريين لتونس:  

كانت منطقة الشّمال الغربيّ الحدودية في مقدمة المناطق التي احتضنت الثورة الجزائرية ثوارًا ولاجئين. ولا غرابة في ذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار المعطى الجغرافي. فهذه المنطقة هي في تماس مباشر مع الجزائر لا تفصلها عن حدودها سوى بعض الكيلومترات، وعملية التنقل بين الجهتين لا تأخذ زمنا طويلا ولا تتطلب جهدا كبيرًا. فمن ناحية الثوار، تعتبر هذه المناطق استراتيجية بالنسبة إلى العمليات العسكرية التي ينفذونها ضد أهداف فرنسية في العمق الجزائري. إلى هذا المعطى الجغرافي ينضاف أيضا معطى تاريخي لا يقلّ أهمية في تفسير احتضان أهالي وسكان المناطق الحدودية لثورة التحرير الجزائرية. وهذا يحيلنا على الحديث عن دور التركيبة السكانية للمنطقة، وهي تركيبة أفرزتها مراحل كثيرة من التّحولات الديمغرافية عبر قرون بسبب الحركية السكانية التي اتّسمت بها المناطق الحدودية لدواع  طبيعية وسياسية وغيرها.

 

وعلى هذا الأساس لم تكن الحدود بين تونس والجزائر تمثل بالنسبة إلى هؤلاء سوى حواجز إدارية هي في الأصل صنيعة الأنظمة السياسية المتعاقبة عبر التاريخ، وتحديدا من فعل الاستعمار الفرنسي. بمعنى آخر لم تمنع هذه الحدود– والتي لم تكن ثابتة على مر العصور-  من التّواصل الكبير بين الشّعبين بشريّا كان، من خلال التنقل والمصاهرة، أو اقتصاديّا من خلال التبادل التجاري اليومي، أو من خلال التّنقل للأسواق الأسبوعية وبيع المنتوجات الفلاحية من ماشية أو محاصيل زراعية أو شراء مستلزمات حياتيّة مختلفة. ولهذا يمكن فهم الغياب شبه التّام للسلطة المركزية في تونس في ضبط الحدود الغربيّة التي اقتصرت على ترسيم 1628 والذي شمل المناطق الشماليّة الخصبة ولم يتجاوز وادي سراط (الحد الفاصل بين الإيالتين)[24].

 

وتشير الدّراسات إلى أنّ منطقة المغرب قد شهدت حركية سكانيّة نشيطة على امتداد قرون لعدة لأسباب، منها ما يتعلق بانتشار الطاعون، ومنها ما يتّصل بالضغوطات الاقتصادية والسياسيّة والأمنية وغيرها. وقد كان للعسف الاستعماري الفرنسيّ دور أساسي في هجرة عديد السّكان إلى تونس خاصة من المناطق الحدودية الشرقيّة مثل قسنطينة وسوق أهراس وتبسّة ووادي سوف ومناطق جنوبية أخرى. فهو الذي قام بتفكيك المجتمع القبلي الجزائري بشكل ممنهج، ومهد الأوضاع للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الأراضي[25]. وبين القبائل الوافدة على البلاد في القرن 18 قبيلة زواوة التي تمركز بعضها بالمناطق الحدودية بالشّمال الغربي[26].

 

ومن نتائج هذه الهجرة الوافدة المكثّفة أن تكاثر عدد الجزائريين بالبلاد خاصة سنة 1914 إذ أصبحوا يمثلون طبقة واسعة في المجتمع مقارنة ببقية الجاليات المسلمة الأخرى. وقد بلغ عددهم 36 ألف سنة 1921 (عدد الطّرابلسية 20 ألف، المغاربة: 4 آلاف)[27]، ثم تطور العدد ليصل سنة 1937 إلى 40816 جزائري (وحسب إحصائيات القياد حوالي 18.218) تمركزوا بعين دراهم وباجة وسوق الإربعاء (جندوبة حاليّا) ومناطق أخرى، بل ويصل هذا العدد – باعتبار من أجبروا على مغادرة الجزائر دون تصريح من الادارة الفرنسية- إلى ما بين 75و 80 ألف[28]. وقد مثل هؤلاء سنة 1946 ما يعادل 2/3 الجاليات المسلمة الأخرى بتونس[29].

 

وقد اندمج هؤلاء الجزائريّون في المجتمع التّونسي في مختلف المستويات، نسبة كبيرة منهم  (35.5%) كانوا يشتغلون بالمهن الشّاقة كالخبازة والجزارة والحدادة والخياطة، وهناك أيضًا المزارعون والعمال اليوميّون وأصحاب الأملاك والتّجار. كما ظهرت كذلك فئة مثقفة درست بعدة مؤسسات تعليمية تونسية بما في ذلك جامع الزيتونة، ولعبت دورا كبيرًا في التّعريف بالقضية الجزائريّة[30].

 

ثم إنّ جزءا من هذه الجالية اختار الاستقرار بالمناطق الحدودية واندمج في المجتمع المحلي من خلال الأنشطة الإقتصادية على اختلافها، ومن خلال المصاهرة. ولم ينس هؤلاء أصولهم بل كانوا في حركة دائمة ذهابا وإيابا إلى وطنهم الأم. وكانت تلك الأرضية الإجتماعية خلفية ملائمة بالنسبة إلى اللاجئين الجزائرين حين قدموا زمن ثورة التحرير بحيث استفادوا من نسيج العلاقات التي أقامها أسلافهم منذ استقرارهم بالمنطقة. بمعنى آخر، لم يكونوا غرباء على المنطقة بما يمكن أن يكدر عليهم صفوهم ويزيد في تعميق أزمتهم ويعسر عليهم مهمتهم الوطنية. وهذا ما نلسمه من خلال مختلف أشكال التضامن التي أبداها التونسيون تجاه هؤلاء اللاجئين[31].

 

2- مختلف أشكال الدعم الشعبي:

أ- الدعم الأمني والعسكريّ:

لا نريد أن نتحدّث عن الدّعم العسكري التّونسي الرّسمي منه أو غير الرّسمي لثورة التحرير الجزائرية لأنّه كان محور اهتمام عديد الدّراسات. لكنّنا سنركز عن بعض المسائل البسيطة في تفاعل الناس مع الثوار في هذا المستوى. معلوم أن الثّوار الجزائريين كانوا قد أحكموا تنظيمهم العسكري بشكل كبير جدّا واجتهدوا على أن لا يتركوا ثغرة يمكن أن تضرب جهدهم وتنسف أحلامهم بالتحرّر. لذلك طبع تنظيمهم بكثير من السرية. وعلى هذا الأساس لم يكن ممكنا بالنسبة إلى عامّة النّاس من التّونسيين أن ينخرطوا في هذا الجهد، فما بذل ظلّ من خارج المنظومة التنظيميّة. هذا على الرّغم من أنّ  العديد من الشبان التّونسيين شاركوا سنة 1955 في الحرب الجزائرية[32].

 

وتشير الدراسات إلى الولاية الثانية لجيش التحرير، والتي تمتد على 120 كلم على الحدود، قد شكلت معبرًا مثاليا لتمرير الأسلحة والتجهيزات العسكرية، ذلك أن 80% من هذه الأسلحة كانت تدخل عبر تونس[33]. كما استغلت هذه الحدود أيضا في تنظيم تحركات الجنود إذ قامت وحدات الجيش بين سنتي 1954 و1956  بأكثر من 500 رحلة عن طريق هذا المعبر. ومن مزايا القاعدة الشّرقية، التي يترأسها العقيد عمار المكلف بتنظيم وتوزيع الأسحلة داخل الولايات الأربعة، أنّها بعيدة عن مراقبة القوات الفرنسيّة الموجودة في الجنوب[34]. وكانت مجموعات عسكرية للثّوار ذات 200 إلى 300 نفر تتمركز على كامل الحدود التونسية من الشمال إلى الجنوب، وتبعد كلّ مجموعة عن الأخرى بضع كيلمترات (تكتيك التمركز العسكريّ). ولدواع أمنية، لم تكن البزّة العسكرية تحمل إشارات الرّتب فبدا جميعهم في عيون العامة من النّاس من التّونسيين سواسية لا فرق بين الجنود منهم والقادة[35].

 

ففي طبرقة مثلا تمركزت المجموعات العسكرية بالرّوايسية وبريرم وسيدي بدر، وكان قائدهم يدعى “زروق”، ومقر القيادة بـ”غمد الزان” بالروايسية، وقد سلم لهم “الشيخ علي” بندقية وخراطيش وأعطوه وثيقة في ذلك. كان ذلك بدافع التضامن مع “الإخوة الجزائريين”، لكن أيضا بدافع القرابة الدموية إذ أن كثيرًا من أبناء تلك المنطقة كانوا قد استقروا منذ زمن بعيد بعديد المدن الجزائرية على غرار القالة والحجّار. أما بعين دراهم فتمركزت هذه المجموعات بمنطقة أولاد سدرة وحمام بورقيبة[36]، وغار الدماء.

 

وفي أول احتكاك بهم كان للتّونسيين رغبة في رؤية الثّوار والاطلاع على أحوالهم على اعتبار كونهم “غرباء” عن الوطن، لكن في مرحلة موالية نأى الناس بأنفسهم وتنظمت العلاقات بين الطرفين أكثر حين أدرك سكان المناطق الحدودية ما يمكن أن يلحقهم من خطر وأذى حين ترد فرنسا الفعل على الثّوار بالمنطقة وتطلق عليهم النار[37]. من جهة أخرى، كانت الدّولة التّونسية تطلب من سكان المناطق الحدوديّة عدم مغادرة مناطقهم خشية أن يحدث ذلك فراغا فتستغله فرنسا للتوغل في التّراب التونسي بذريعة مطاردة الثوار الجزائريين، وهذا ما يمثل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي للبلاد. في المقابل سعت الدولة إلى توفير كل مستلزمات الحياة بالنّسبة إلى هؤلاء حتى يستقروا في أماكنهم[38].

 

أما من حيث المساهمة الفعلية في المجهود العسكري فقد تطوع عشرات الشبان التّونسيين في بداية الأمر – منذ نهاية  1955 وبداية 1956- في صفوف جيش التحرير. في هذا السياق، وضمن التنسيق العسكري التّونسي والجزائري تشكلت فرقة “الطيب الزّلاق” بمنطقة منقـــار البطـة (Bec du canard ) بغار الدّماء على غرار عدّة فرق عسكريّة أخرى مشتركة في مختلف المناطق الحدودية. ضمت هذه الفرقة عناصر جزائريّة وأخرى تونسيّة، والتي يبدو أنّها تكونت في بداية الأمر من 17 جنديّا خلال شهر فيفري 1956، ثم تكاثر عدد جنودها ليصل إلى حدود 110 مقاتل. وقد تركز نشاطها بصفة خاصة في منطقة سوق الأربعاء وبني خمير وسوق الخميس ووادي مليز، مستفيدة من تنسيق جهودها مع قادة منطقة سوق أهراس[39]. وكانت فرنسا تحكم قبضتها على هذه المناطق الحدوديّة لما تمثله من خطر على العمليات العسكريّة بالجزائر، لذلك أقامت سياجا شائكا على طول الحدود التونسية الجزائرية وزرعت الألغام تحته وأقامت الأضواء عليه حتى يتسنى لها تطويق الثوار الجزائريين ومنعهم من مغادرة الحدود أو اجتيازها انطلاقا من التراب التونسي. لكن كانت للثوار وسائلهم، من ذلك استعمال المقص الحديدي لقطع الأسلاك ثم الانطلاق للقيام بعمليات عسكرية ضد الجيش الفرنسي[40].

 

كما اجتهد التونسيون في تقديم الدعم اللوجستي من خلال توفير بعض المعطيات الأمنية. فقد حصل أن  قدم على أولاد سدرة يوما، وكان يوم مأتم، رجل يبدو عليه أثر التعب والإرهاق يطلب من الناس الماء والغذاء على أساس أنه من الثوار. لكن الحس الأمني عند الأهالي كان عاليا بحث كانت كل المؤشرات تدل على خلاف ذلك لمعرفتهم الجيدة بكثير من تفاصيل الحياة اليومية الثوار وطريقة تنظمهم. حينها طلب أحد الشيوخ من الفتى (عبد الكريم) أن يعود إلى المنزل ويطلب من أمه احضار رغيف خبز ففهم الفتى على أنها رسالة إلى الأمن ليخبر به فانتقل من توّه إلى الثكنة العسكرية التونسية بمركز مدينة طبرقة على بعد حوالي خمسة كيلمترات. لكن حينما تحرك الجيش كان الأمر قد فات إذ غادر “الجاسوس” من اليد الحمراء المكان وتسلل في الجبال ولم يعثر له عن أثر رغم عمليات التمشيط التي قام بها بمساعدة الثوار الجزائريين[41]. أما في منطقة حمام بورقيبة فكان “الشيخ” يطلب من كل عائلة القيام بحراسة القرية ليلة على الحدود أين كانت الخيام منتشرة بـ”بحيرة الزيتون” من لاجئين قدموا من “رمل السوق” بالجزائر. ولم يكن هؤلاء محملين بسلاح بل اقتصرت مهمتهم على التبليغ بما يدعو إلى الريبة[42].

 

  • إيواء اللاجئين:

حين اشتد الاضطهاد الفرنسي لثورة التحرير فرّ العديد من الجزائريين إلى تونس كملاذ آمن، وكان قدومهم على مرحلتين، في البداية جاء الثوار بمفردهم وتمركزوا على التخوم في الجبال حتى يتيسر ضرب أهداف عسكرية فرنسية. لكن في مرحلة موالية خاصة عندما اشتد وطيس الحرب انطلاقا من سنة 1957 فرّت آلاف العائلات ليحتضنهم التونسيون بصفة تلقائية[43]. وتجدر الإشارة إلى أن التطورات السريعة والخطيرة على الساحة الجزائرية وما صاحب ذلك من هجرة أعداد هائلة من الناس حال دون إحكام الحكومة التونسية السيطرة على هذا الحدث الفجائي إذ لم يتسنّ لها في البداية حسن تنظيم عملية الاستقبال كما لم يمكن التّونسيين من حسن تدبير آليات التأطير والتّواصل لاحتضان الوافدين وتوفير مستلزمات الإقامة وبعض ضروريات الحياة الأساسية والبنية التّحتية. استقر هؤلاء اللاجئون بكثافة في مناطق محددة، من أبرزها: بريرم والرايسية (بطبرقة)، أولاد سدرة وبحيرة الزيتون (بعين دراهم)، حليمة (فرنانة)، قرب عين سلطان  في السلسلة الجبلية الممتدة من الغرة إلى الفايجة (غار الدماء).

 

لكنّ هذه الضغوطات لم تمنع الأهالي من ردة فعل سريعة وإيجابية إذ تطوع العديد منهم في مختلف المناطق من طبرقة إلى الكاف مرورًا بغار الدّماء بتقديم الحد الأدنى من الضروريات سواء من حيث توفير الإقامة أو الإعاشة. وتشير بعض المصادر إلى أنّ أول من استقبل الثوار بهذه المنطقة كان قائدهم الشاذلي بن جديد (كان يلقّب آنذاك بـ”سي حمد”).

 

من أبرز المبادرات الشّعبية في هذا الاتجاه ما قام به أحمد بن عبد الله الرويسي بمنطقة الروايسية (طبرقة) الذي وفر لهؤلاء مسكنًا هو عبارة عن كوخ فسيح جمع كلّ الثوار. وكان هؤلاء يلجؤون أيضا إلى الاختباء في كهوف موجودة بالمرتفعات الحدودية المجاورة هي عبارة عن مغاور حجريّة صغيرة. أما بمنطقة أولاد سدرة (بعين دراهم) فآواهم رجل يدعى “العوّادي” إذ منحهم كوخه الكبير الذي كان يقيم فيه هو وعائلته، وتنازل لهم بمنطقة سيدي عبد الله (عين دراهم) عبد الله بن بلقاسم بن عبد الله السومري عن منزله “العصري” (هو عبارة عن منزل متكوّن من غرفتين بنيا بالقرميد الأحمر على نمط العمارة الأوروبية وتحديدا الفرنسية). وقام ذات الشّخص ببيع الثوار قرابة 50 رأس ماعز بأسعار رمزية لذبحها، ومنح قطعة أرض لبعض العائلات الجزائرية حتى تقيم فيها أكواخا يستقرّون بها[44] جلبت موادّ بنائها من الغابة المجاورة خصوصًا أن الحكومة التّونسية قد سمحت لهم بقطع الأشجار من الغابة وإقامة بيوتات[45]. وأقام بعضهم مع التّونسيين في بيوتهم[46].

 

ومما يدلّ على نبل هذه الحركة أنّ المعاني المادّية الربحيّة لم تكن بالنسبة إلى التّونسيين غاية في حد ذاتها، وذلك بحكم خصوصية الظرف السّياسي والإنساني لهؤلاء الوافدين. فهؤلاء فوّتوا مجانًا في كثير من العقارات رغم أنّ الأراضي القابلة للاستغلال بهذه المرتفعات قليلة جدّا، بل وتعتبر أساس الدّخل والثّروة للأغلبية السّاحقة من العائلات بهذه المنطقة الوعرة طبيعيّا والقائم اقتصادها أساسًا على فلاحة تقليديّة معاشية مع غياب شبه تامّ للأنشطة الصّناعية أو غيرها. ومن الواضح أيضًا أنّ هؤلاء الجزائريين لم يكونوا يمثّلون في نظر التّونسيين سوقًا لترويج بضاعتهم ومصدرًا للتّجارة ومراكمة الثّورة. وهذا المعروف لازال يعترف به الجزائريّون إلى حدّ الآن[47].

 

ولأنّ إقامة اللاّجئين قد طالت لسنوات عديدة فقد انخرط هؤلاء مع التّونسيين في تعاطي الأنشطة الزّراعية، خاصّة زراعة القمح والتّبغ وتربية الماشية والتّجارة. ففي منطقة “حليمة” الحدوديّة (بفرنانة)، استقرّت حوالي 50 عائلة قرب عين توجد حذو المدرسة الابتدائية بجبل يفصل بين الدّولتين، يسكن في سفحه الشّرقي تونسيّون وفي سفحه الغربي جزائريّون. وتستغلّ هذه العين منذ زمن من طرف كلا المجموعتين المتجاورتين سواء للشّراب، وكذلك كفضاء بسيط للتّبادل التّجاري تقوم به النّسوة عبر شحن “القلة” ببعض الموادّ التّموينية الضروريّة لكلا الفريقين (سكر، وزيت، دقيق…). واستمرّ الأمر على ذاك الحال لسنوات عديدة. كما كانت هذه المنطقة أيضًا جسرًا لتجارة الماشية (الأبقار والأغنام) التي تباع وتشترى بـ “سوق الأحد” (فرنانة) الذي يعتبر من أكبر وأهم الأسواق التّجارية بالجهة منذ زمن بعيد[48].

 

وممّا يسّر عملية الاندماج الاقتصادي هذه – بالإضافة إلى البعد المبدئي والإنساني للموقف التّونسي- أن عديد الثّوار لهم أقارب بالمناطق الحدوديّة التّونسية بفعل عمليات المصاهرة التي تمت عبر الزّمن بين عائلات من هذا القطر ومن ذاك. فجدّ محدثنا مثلا[49] كان يتمتع قبل سنة 1881 بسلطة وجاه كبيرين سواء بالمناطق التّونسية أو الجزائرية. فقد تزوج من أكثر من امرأة تونسيّة وله منهن أبناء وله ممتلكات، وتزوّج أيضًا من جزائرية وأنجب منها أولادًا هم الذين أصبحوا فيما بعد ثورًا. فلمحدثنا إذن ثلاثة أعمام يعيشون بالجزائر (وتحديدًا بأم الطبول)، وهم: كاهية وعبد الرّحمان وزواوي ميري. وقد تزوّج الأوّل والثاني بتونسيّتين فيما تزوج ثالثهما بجزائرية. وقد قدم هؤلاء زمن الثّورة كلاجئين إلى تونس واستقروا بمنطقة بريرم بطبرقة. أمّا  من النّساء التّونسيات المتزوّجات بجزائريين قبل الثورة فالأمثلة عديدة، من ذلك زهرة بنت الخذيري وشهلة بن بلقاسم (عين دراهم)[50].

 

وكذا الأمر بالنّسبة إلى مباركة بنت إبراهيم غفيري التي تزوّجت المدعو شعيب (من الجزائر) في بدايات القرن الماضي، وأنجبت طرشون وخميس، وأنجب طرشون فاطمة التي قدمت إلى تونس زمن الثّورة كلاجئة إلى أهلها واستقرّت بمنطقة بريرم مع “شلبيّة”، عمّة أبيها، علما وأنّها كانت تشتغل كممرضة بالجزائر[51]. وكانت فاطمة حين إقامتها كلاجئة تصطحب معها بعض الفتيات التّونسيات من المنطقة صباحًا أو في منتصف النّهار لتأخذ حصتها من المساعدة الغذائية ويأخذن معها نصيبهن. وهذه المساعدات كانت تصلهم من دول كثيرة خصوصا من مصر ودول المعسكر الشرقي وتشرف على توزيعها منظمات جزائرية أو دولية على غرار الهلال الأحمر. وقد استفاد عديد التّونسيين الفقراء من الوجبات الغذائية “الشهيّة” – في عيونهم- المتكونة من حليب ودرع، بطريقة غير مباشرة حين كانوا يصطحبون الجزائريّين إلى هذه المراكز فيصيبهم شيء مما يصيب أشقاءهم[52]. من جهة أخرى، كان الثّوار غالبًا ما يعطون الشّبان التّونسيين ما زاد عن حاجتهم من اللّباس والأحذية[53].

 

كما سكن ببريرم رجل يدعى “السّائح” وزوجته مريم وابتنيهما “السّاحلية” و”زكية”، وهي أرملة ولها ابن. وكان هذا اللاّجئ الجزائري، الذي يقطن بجوار التّونسيين داخل قريتهم، يمارس الفلاحة بمختلف أشكالها من تربية الماشية والخضر[54]. وذلك الأمر بالنّسبة إلى سلوك النّاس بغار الدماء إذ منح النّاس أراضيهم للاجئين لزراعتها وكانت معهم مواشيهم[55].

 

بمعنى آخر لم يكن هؤلاء الثوّار يشعرون بالغربة والحال أنّهم في بيوت أقاربهم الذين قدموا لهم كلّ أشكال الدّعم. وهذه من أبرز الظروف التي ساعدت على اندماجهم صلب المجتمع المضيف في أجواء من التفاعل المستمر والاحترام المتبادل دون تمييز بين الفريقين، حتّى لا يكاد يُفرّق بين التونسي والجزائري[56]. كما اندمج الأطفال الجزائريّون مع قرنائهم بالمدرسة التّونسية رغم أن ظروفهم المادية كانت صعبة للغاية خاصة في فصل الشتاء[57]. فعلى سبيل المثال كان عدد التّلاميذ الجزائيين بمدرسة شارع بورقيبة بطبرقة بين سنتي1959- 1960 في حدود 51 تلميذًا (46 ذكور و5 إناث) [58]، وبمدرسة شارع بورقيبة بفرنانة ستة تلاميذ ذكور (1958-1959[59].

 

هذه الخلفيّة الاجتماعية تنضاف في الواقع إلى معطيات أخرى ذات بعد قيمي وهووي لتفسر الدفء العلائقي الذي ميّز جانبا هاما من العلاقات بين التّونسيين واللاجئين الجزائريّين. ومن المؤشرات الدالة على ذلك انتشار عملية المصاهرة في هذه المناطق الحدودية بشكل لافت للانتباه. ففي منطقة أولاد سدرة (بعين دراهم) مثلا تمّ إحصاء ما لا يقل عن ثلاثة عشر حالة مصاهرة حصلت خلال فترة اللجوء: ستّة رجال تونسيّين تزوجوا بجزائريات وسبعة تونسيّات تزوجن بجزائريين.

 

ب – الدّعم المادي والإعاشة:

 

تجدر الإشارة إلى أنّ قدوم الجزائريين إلى تونس كان على مرحلتين: في البداية قدم الثّوار فرادى للاحتماء بالمرتفعات وتنفيذ عملياتهم انطلاقا منها، أما في مرحلة موالية فتدفقت على المنطقة آلاف العائلات بنسائها وأطفالها وشيوخها. ومما لا شك فيه أنّ استقبال العدد الهائل لهؤلاء كان يتطلب قدرًا كبيرًا من الجهد والتنظيم لتأمين الغذاء والملبس والإقامة وغيرها من الحاجيات الأساسية للاستقرار. وقد كانت مستلزمات الحياة هذه تأتيهم من جهات مختلفة حكومية وغير حكومية: من قبل الحكومة التّونسية التي قدمت لهم كل أشكال المساعدة والدعم، عدة جمعيات ومنظمات وطنية تونسية قامت بحملة تحسيسية لجمع التبرعات لفائدة هؤلاء اللاجئين، الهلال الأحمر التونسي الذي ازداد نشاطه منذ سنة 1957 عندما تبنى قضية المهاجرين محليا ودوليا، وقد نظم عدة حملات تبرع وقام بتوزيعها عن طريق فروعه. أما المساعدات الدولية فبدأت تصل لهؤلاء منذ سنة 1957[60].

 

لكن الجهد الرئيسي في هذا الاتجاه قام به جيش التّحرير الجزائري الذي تكفّل بتغطية مختلف الحاجات الحياتية لآلاف العائلات التي تدفّقت على المناطق الحدوديّة سواء بتونس أو المغرب، وتكفّل أيضًا بتوزيعها موظفا بذلك مختلف مؤسساته البشرية والعسكرية والتموينية. وهذا الأمر مثل ضغطًا مادّيا إضافيا بالنسبة إلى جيش التحرير. فعلاوة على الحاجة الملحة للدعم المالي لتمويل العمليات العسكرية فقد مثلت قضية اللاّجئين – كإحدى إفرازات حرب التحرير- تحديا آخر ينضاف إلى بقية التحديات، لهذا تحملت الثورة مسؤولياتها تجاه اللاّجئين كجزء لا يتجزأ من الشعب الجزائري الذي عانى من ويلات الاستعمار.

 

وقد دفعت هذه المستجدات الثّورة الجزائرية إلى تعديل استراتيجية عملها لأنّ القدرات المالية البسيطة التي انطلقت بها لم تعد تفي بالحاجة. لهذا التجأت جبهة التحرير إلى فرض ضريبة مالية على المواطنين الجزائريين كشكل من أشكال المقاومة (الجهاد بالمال)، وقد مست الاشتراكات غالبيتهم. كما قامت بحملة واسعة لجمع المال من اليهود والنّساء (الذهب) خاصة الأغنياء منهم والمعمرين طوعا أو كرها[61]. أما ميدانيا فتمّ تخصيص فرق مجهزة بالعتاد الطبي والملابس والأغطية والخيام والطعام للسهر على استقبال وإيواء هؤلاء اللاجئين.

 

كما نشط الهلال الأحمر الجزائري واتحاد المرأة الجزائرية في الخارج عن طريق الحملات الإعلامية بالدول الشّقيقة والصديقة للجزائر للتعريف بمأساة المهجّرين وجمع التّبرعات والمساعدات الإنسانية والتكفل بتوزيعها. وسهرت جبهة التّحرير على تخصيص مدرسين ومدرسات للأطفال، أما القادرون على حمل السلاح من الشباب فتم تدريبهم وإعدادهم للثورة والالتحاق بصفوف جيش التحرير. وهكذا مثّل هؤلاء أحد روافد الثورة إذ زوّدوا جيش التحرير بالمئات من المقاتلين على الحدود الشرقية[62].

 

وكانت هناك لجان في مختلف مناطق الشمال الغربي تشرف على شؤون الثوار توفر لهم المؤونة واللّباس والأسلحة حتى لم يكن ينقصهم شيء في هذا الاتجاه. و تكفّل كبار السنّ من اللاجئين والنّساء بإحضار الطّعام للثّوار[63] ، علمًا بأن السلطة التونسية وفرت لهم أحيانا مخابز تؤمن لهم الغذاء كما هو الحال بالنسبة إلى المخبزة التي أحدثتها بمدينة عين دراهم (هي اليوم مقر البلدية)[64]. أما طبرقة فتكفل الشاذلي بوشناق (من مواليد سنة 1916) بتوفير المؤونة للثوار بمنطقة أولاد سدرة[65]. وكان الثّوار كلما احتاجوا للمؤونة تنقلوا ليلا إلى إحدى البيوت التّونسية يطلبون منها إحضار كمية كبيرة من الخبز سواء جلبوا معهم الدقيق أو اقتنوا من تلك العائلة كفايتهم، لكن مع التعويض المادي لهذه العائلة. ويحصل أن يحتاج الثوار وهم في الجبال إلى الأكل فيمسكون بماشية (أبقار) على ملك تونسيّين دون علمهم ولا إذنهم فيذبحونها ثم عندما يتصل بهم صاحبها يعطوه أجرها[66]. كما احتاج هؤلاء الثوار المرابطين بالجبال إلى استئجار نساء تونسيّات –مثل شريفة حرم وصيّف بعين دراهم – لغسل ثيابهم[67].

 

وكثيرا ما كان الأهالي يعثرون حين تنقلهم في الغابة للتحطيب أو لرعاية الماشية أو غيرها من الأنشطة الجبلية، على مخلفات الثوار من خبز أو أدوات أكل أو غيرها تركوها بعد أن غيّروا مكانهم في الصباح الباكر. وفي حالات كثيرة حين كانت القوات الجوية الفرنسية تخترق المجال التونسي بحثا عن الثوار كان التونسيون رجالا ونساء يلوّحون بشارات بيضاء حين تنقلهم في الغابة خشية أن تصيبهم القوات الفرنسية بنيرانها.

 

ولتلقّي الأموال من الجزائر، عمد اللاجئون إلى حيلة تتمثل في توظيف عناوين لتونسيين ترسل عبرها الحوالات النقدية. قام بهذا الدور مثلا تاجر المواد الغذائية بطبرقة الذي تأتيه الأموال من أكثر من خمسين عنوانًا، ثم يذهب بنفسه إلى البريد لاستلام الحوالات ليسلمها لاحقًا لأصحابها الذين غالبا ما يطلبون منه إيداع تلك الأموال عنده مقابل ما يقتنونه يوميا من حاجياتهم. وأثر عن بعضهم أنّ الجزائري كان يقول للتاجر: “إذا استشهدت فهنيئا لك ما بقي من المال”[68]. وكان الثّوار، وهم في سيرهم إلى المواجهة أو المعركة، يعطون الطعام وما تبقى من أموال لديهم لمن يعترضهم من الأطفال التّونسيين قائلين لهم: “خذوا ذلك قد لا نعود إليكم ثانية”[69]. على أن مختلف أشكال الدّعم هذه التي قدمها التّونسيون لا تعني غياب بعض مظاهر التوتر التي شابت أحيانًا العلاقات بين التّونسيين والجزائريّين بسبب ممارسات فرديّة معزولة سرعان ما يتمّ تطويقها.

 

خاتـمة:

إن المتأمل في كيفية التعاطي الشعبي في تونس مع قضية اللاجئين الجزائريين زمن ثورة التحرير، وما صاحب ذلك من تطورات كبيرة ليقف على جملة من الخلاصات الهامة تؤكد أن هذه العملية كانت ذات خصوصية مقارنة بعمليات لجوء أخرى تمت في مناطق عديدة من العالم وفي فترات زمنية مختلفة.

 

أولا، تفاعل التونسيين الإيجابي مع هؤلاء الجزائريين الوافدين من خلال تقديم مختلف أشكال الدعم المادي واللوجستي في حدود الممكن والمتاح. وهذا يعني أن الثورة الجزائرية قد وجدت في تونس حاضنة شعبية مهمة مثلت سندًا حقيقيا لجهد المقاومة.

 

ثانيا، سهولة عملية الاندماج بين الفريقين. وهذا راجع بدوره إلى جملة من العوامل التاريخية والحضارية إذ أن التواصل بينهما لم يكن ظاهرة حديثة وإنما وجد منذ القديم وتطور عبر الزمن تحت تأثير أسباب وضغوط مختلفة لتبدو بذلك هذه الواقعة عبارة عن امتداد لتطورات تاريخية سابقة، وهذا ما نزع عنها صفة الفرادة أو الغرابة، ويسّر بالتالي عملية التواصل بين الناس.

 

ثالثا، يمكن اعتبار هذه الظروف المقبولة عموما للاجئين دعما هاما لمعنويات الثوار الجزائريّين ولأدائهم النضالي في سبيل التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار. فكثيرة هي الأمثلة التي عمل فيها المستعمر على استعمال عائلات المناضلين أو المقاومين كورقة ضغط للابتزاز السياسي. نضيف إلى ذلك أن هذه الواقعة التاريخية أسهمت في تمتين وشائج العلاقات بين الشعبين، وخاصة سكان المناطق الحدودية في كلا البلدين سواء من خلال تواصل عمليات المصاهرة أو التبادل التجاري (ولو في شكله البسيط) ما بعد سنة 1962.

 

كل هذه المعاني يمكن أن تلخصها الأجواء العامة يوم عودة الجزائريين إلى وطنهم بعد طول غياب وتهجير كما روى ذلك شهود العيان. كان يوما مشهودًا ومناسبة هامّة عبّر خلالها الوافدون عن فرحتهم بالاستقلال بعد أكثر من قرن وثلاثة عقود من الاستعمار وعن الشوق للعودة إلى الوطن بعد سنوات من التهجير القسري. كما مثّل في الآن ذاته ساعة الفراق بين هؤلاء اللاجئين وبين التّونسيين الذين جمعتهم علاقات المودة وحسن الجوار على امتداد عدة سنوات. كانت لحظة صعبة للغاية حيث خيّمت عليها أجواء من الحزن والبكاء من الجانبين، وكان العناق والوداع بين الفريقين، إحساس مزج في الآن ذاته بين الفرحة بالاستقلال وألم الفراق بين الأحبّة.

 

المراجـع والهوامــش: 

[1]  كثيرة هي الدراسات والبحوث الأكاديمية جزائرية كانت وتونسية اهتمت بهذا الموضوع  وأعطته الأولوية في مستوى العمل البحثي المتعلق بالتاريخ المعاصر. انظر مثلا: عميرة علية الصغير، المقاومة المسلحة في تونس، ج2، 1039-1956، منشورات المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية، 2004 (بالاشتراك مع عدنان منصر)، حلمي غزواني؛ الطيب الزلاق قائد المقاومة المسلحة بالشمال الغربي التونسي 1938-1956، الشركة التونسية للرسم وتنمية فنون الرسم، 2019، ص 38  فما بعد؛ لمياء بوقرة، العلاقات الجزائرية التونسية (1954-1964)، أطروحة دكتورا، جامعة وهران، 2007

[2]  شارل روبير أجيرون، تاريخ الجزائر المعاصرة، ترجمة عيسى عصفور، منشروات عويدات، بيروت-باريس، ط1، 1982، ص162.

[3]  نفس المرجع، ص319

[4]  سعدي بزيان، جرائم فرنسا في الجزائر من الجنرال بوجو إلى الجنرال أوساريس. صفحات مظلمة من تاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر من الإحتلال 1830 إلى افستقلال 1962، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2005، ص 55 فيما بعد

[5]  ملودي سهام، علاقة الحكومة الؤقتة بقيادات جيش التحرير الوطني (سيتمبر 1958-مارس 1962)، مذكرة لني شهادة الماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر، جمعة وهران، لية العلوم الاسانية والحضارة الاسلامية، 2011، ص43

[6]  عميرة علية الصغير، اليوسفيون وتحرر المغرب العربي، تونس، 2007، ص225

[7]  شارل روبير أجيرون، المرجع السابق، ص318

[8]  صالح عسول، اللاجئون الجزائريون بتونسودورهم في الثورة 1956-1962، رسالة لنيل شهادة الماجستير في التاريخ الحديث، الجزائر، جامعة الخاح لخضر باتنة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2009، ص80

[9]  “الأطفال الجزائريون اللاّجئون إلى تونس: ذاكرة فوتوغرافية”، صحيفة “العربي الجديد” (لندن)، 20 ماي 2018

[10]  عميرة علية الصغير، اليوسفيون…، مرجع السابق، ص 166

[11]  نجاة بن يحوب، الدعم العربي للثورة الجزائرية من 1952-1962، مذكرة لنيل شهادة الماستر، اختصاص: تاريخ معاصر، الجزائر، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية- القطب شتمة، 2013، ص33

[12]  صالح عسول، المرجع السابق، ص81

[13]  لمزيذ التفاصيل حول هذا الموضوع، انظر: محمد الوصلي الغماري، غار الدماء قاعدة خلفية للثورة الجزائرية بامتياز (1954-1962)، المغاربي للدراسات والتّحاليل، 2019 .

[14]  عامر عبد الله بن بلقاسم السومري، لقاء مباشر يوم 25/9/2018

[15]  صالح عسول، المرجع السابق، ص90

[16]  بخصوص الدعم الصيني للقضية الجزائرية، انظر خاصة: د. فايزة كاب، “الثورة الجزائرية بعيون صينية (1954-1962)”، صحيفة الشعب اليومية  أونلاين، 31 أكتوبر 2016

[17]  نجاة بن يحوب، المرجع السابق، ص33

[18]  انظر مثلا: عميرة علية الصغير، المقاومة المسلحة في تونس، ج2، 1039-1956، منشورات المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية، 2004 (بالاشتراك مع عدنان منصر)

[19] Gian Paolo, « Le bombardement de Sakait-Sidi-Youssef et les péripéties de la politique tunisienne face à la guerre d’Algérie », pp. 55-75, Habib Belaid (textes réunis et présentés par), Processus et enjeux de la libération en Tunisie (1952-1964), Actes du colloque, Tunis, 1999

[20] Bourguiba H., Discours, Tv, 1958-59, Publication du Secrétariat d’Etat à l’Information, Tunis, 1975, p. 69

[21] Idem. p. 153

[22]  حبيب بن حسن اللولب، “الدبلوماسية التونسية والثورة الجزائرية بين 1955-1962، التحديات الرهانات”، دفاتر السياسة والقانون، عدد 16، جانفي 2017، ص141- 164

[23]  نجاة بن يحوب، المرجع السابق، ص32

[24]  إدريس رائسي، القبائل الحدودية التونسية الجزائرية بين الإجارة والإغارة (1830-1881)، تونس، الدار المتوسطية للنشر، 2016، ص11

[25]  نفس المرجع، ص24

[26]  الماجري، عبد الكريم، هجرة الجزائريين والطرابلسية والمغاربة الجواونة إلى تونس (1831-1937)، دراسة تاريخية لإشكالية الإستعمار والهجرة المغاربية بتونس وخصوصياتها الإجتماعية والقانونية، الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم، 2010، ص 34

[27]  نفس السابق، ص 37

[28]  صالح عسول، المرجع السابق، ص81

[29]  نفس المرجع، ص76

[30]  نفس المرجع

[31]  نفس المرجع، ص92

[32]  نجاة بن يحوب، المرجع السابق، ص3

[33]  عميرة علية الصغير، المرجع السابق، ص167

[34]  نجاة بن يحوب، المرجع السابق، ص13

[35]  شهادة السيد حمدة بن إبراهيم بن هلال السالمي، محادثة مباشرة يوم 18/09/2018

[36]  شهادة محمد الرويسي، محادثة مباشرة يوم 23/09/2018

[37]  شهادة السيد حمدة بن إبراهيم بن هلال السالمي

[38]  شهادة السيد حمدة بن إبراهيم بن هلال السالمي

[39]  لمزيد التفصيل حول العمليات العسكرية لجيش التحرير الوطني الجزائري بتونس، انظر عميرة علية الصغير، اليوسفيون وتحرر المغرب العربي، تونس، 2007، انظر أيضا: عبد الحفيظ موسم، “جيش التحرير الوطني التونسي وعلاقته بالثورة الجزائرية (1955-1956)”، ص312-327، عصور الجديدة، عدد 24-25، أكتوبر 2016، ص319

[40]  ومن الحيل العسكرية الطريفة التي استعملها الثوار في مواجهة القبضة الحديدية للجيش الفرنسي – كما يروي شاهدنا- أن عمد الثوار إلى جمع عدد كبير من السلاحف جمعت من البرك والأدوية ثم ثبتت على ظهورها فوانيس لترسل في وضح النهار باتجاه أهداف فرنسية حتى إذا أسدل الليل ظلامه لاحظ الجيش الفرنسي تلك الفوانيس ترسل ضوءها فيخيل إليه أنه هجوم من طرف ثوار جزائريين قد تسللوا إلى المكان فيطلقون النار بكثافة باتجاه تلك الأضواء. حينها يستغل الثوار الفرصة للدخول إلى التراب الجزائري والقيام بعمليات عسكرية، شهادة السيد حمدة بن إبراهيم بن هلال السالمي.

[41]  نفس المرجع

[42]  شهادة عبد العزيز بن احمد بن صالح المسلمي، أجرينا معه محادثة مباشرة بعين دراهم يوم 10 أكتوبر 2018

[43]  شهادة السيد حمدة بن إبراهيم بن هلال السالمي

[44]  عامر عبد الله بن بلقاسم السومري، محادثة مباشرة يوم 25/9/2018

[45]  شهادة العربي بن علي، حادثه الدكتور مصطفى الستيتي يوم 3 أوت 2018، مقطع فيديو منشور على موقع المنتدى الثقافي بغار الدماء.

[46]  نفس المرجع

[47]  شهادة عبد العزيز بن احمد بن صالح المسلمي

[48]  شهادة السيد رابح بن إبراهيم بن هلال السالمي

[49]  نفس المرجع

[50]  شهادة السيد رابح بن إبراهيم بن هلال السالمي، محادثة مباشرة يوم 18/09/2018

[51]  شهادة عائشة بنت بشير بن عمار غفيري، محادثة مباشرة يوم 20/9/2018

[52]  شهادة العربي بن علي

[53]  شهادة السيد رابح بن إبراهيم بن هلال السالمي

[54]  شهادة عائشة بنت بشير بن عمار

[55]  شهادة عبد العزيز بن احمد بن صالح المسلمي

[56]  شهادة السيد حمدة بن إبراهيم بن هلال السالمي

[57]  شهادة نور الدين خروف، شاهد عيان جزائري من مواليد سنة 1947. أجرى معه الحوار الدكتور مصطفى الستيتي. مقطع فيديو منشور بموقع: “المنتدى الثقافي” (9/7/2019)

[58]  السجل التّاريخي لمدرسة شارع بورقيبة بطبرقة، وقع الاطلاع المباشر على السجل الموجود بالمدرسة  يوم06/ 05/ 2015

[59]  السجل التاريخي لمدرسة شارع بورقيبة بفرنانة، وقع الاطلاع على السجل الموجود بالمدرسة 15/04/ 2019

[60]  صالح عسول، المرجع السابق، ص 90

[61]  نفس المرجع، ص 86

[62]  نفس المرجع، ص88

[63]  شهادة السيد حمدة بن إبراهيم بن هلال السالمي

[64]  عامر عبد الله بن بلقاسم السومري

[65]  شهادة السيد رابح بن إبراهيم بن هلال السالمي

[66]  شهادة السيد حمدة بن إبراهيم بن هلال السالمي

[67]  عامر عبد الله بن بلقاسم السومري

[68]  نفس المرجع

[69]  نفس المرجع

 

المقال نُشر في: المجلة التونسية للتاريخ العسكري، العدد 9، 2019.

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

فكرتين عن“الدّعم الشّعبي للثّوار واللاّجئين الجزائريين بالمناطق الحدودية بالشّمال الغربي التّونسي (1957-1962)”

  1. اولا أشكر الدكتور موسى غفيري على هذا الجهد الذي بذله في كتابة هذه الشهادة المهمة إذ من شأنها تقوية الروابط العاطفية والأنسانية والأخوية بين الشعبين ومن شأنها تقوية العلاقات السياسية بين الدولتين .وقد تناول صاحب المقال جانبا مهما تمثل في التركيز على جوانب العدم الشعبي بمختلف بأشكاله للثورة الجزائرية وهذا يؤكد مساهمة التونسيون القاطنون بالحدود في إنجاح الثورة ودحر المستعمر. ونحن نأمل أن تكون هذه الحقائق سببا في لفت انتباه السلطات الجزائرية حتى تدرك قيمة ما قام به البسطاء من سكان الحدود الشرقية التونسية .ولعل هذا الرابط التاريخي بين الشعبين هو سبب تواصل العلاقات الودية والاخوية والطيبة بين الشعبين خاصة أن دماء الشعبين قد امتزجت في أكثر من واقعة.
    نشكر مرة أخرى الأخ موسى فقد أثرى المنتدى بهذه الإضافة الممتازة.عيدكم مبروك وتقبل الله صيامكم ووفقكم الله. السلام عليكم

  2. نشكر الدكتور على هذا التعريف بموضوع اللاجئين الجزائريين في تونس
    ملاحظة فقط أن الموضوع لايحتوي على وثائق أٍشيفية
    خطأ في أسماء بعض المؤلفين :كاسم الدكتورة لمياء بوقريوة وليس لمياء بوقرة

اترك رداً على الامين الكحلاوي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet