القـــراءةُ خيانة عظمى

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

بقلم: مهاب لحبيري

 

سيّدي القاضي، أنا مجرمٌ خطيرٌ وخطير جدّا. تهمتي ليست هيّنة سيدي، فقد ضبطوني أقرأ كتابا. هل ترى فداحة هذا الجرم؟ أو بالأحرى هي مجموعة جرائم في آن واحدٍ…

 

سيّدي القاضي، لم أكن أعرف أنّ القراءة فعلٌ “خادش للحياء” يحرج الكثيرين…
سيّدي القاضي، لا أنكر حين ضبطوا الكتاب في يدي، كنت بصدد ” الإمساك بمادة مخدّرة” تجعلني أسافر إلى عوالم النّشوة…

ماذا أيضًا؟ آه تذكرت، القراءة هي أيضًا اجتياز لحدود الملل خلسةً، وأظنّها أيضًا تهمة لا أمل لي في البراءة منها ما دمتُ لم أرض بالبقاء مثلكم في سجون الفراغ…

 

سيّدي القاضي، هل مازالت محاضر التّحقيق حبلى بالتّهم؟ تهمة السّرقة الموصوفة..! دعني أسترجع ذاكرتي قليلاً، آه فعلاً أنا سارق محترف، أنا لصّ لا يثنيه الخوف عن خلع أقفال الكتب وسرقة ما ثقل حمله وما غلا ثمنه من المعرفة و العلم و الثقافة…

 

سيّدي القاضي، هل مازالت تهمة أخرى؟ التّحريض و الإخلال بالأمن العام…! الحقيقة هذه من أجمل التّهم التي لا أتوانى عن الاعتراف بها، فأنا كنت أهمس في الآذان وأجهر في المجالس بضرورة القراءة. تبع الكثير الغواية التي كنت أحثّهم عليها، وهناك من آتيه بالبضاعة إلى حدود بيته كتبًا بضّة طرية تقطر أنوثةً وجمالا…

 

هل مازالت الأوراق التي أمامك تتقلّب بين كفّيك وعيناك مشدوهة لطول قائمة جرائمي؟

أنا قاتل…؟ أتدري من قتلتُ وكيف قتلته؟ لا تتعب نفسك سيّدي القاضي في تصنيف فعل القتل. لا لم يكن على وجه الخطأ، بل كان عن سابق إصرار وترصّد بالاستعانة بأكداس الكتب التي تحويها مكتبتي السّرية. انتظرت ضحيّتي حتى أسبل جفنيه بين الأوراق، ضغطت على رقبته دون رحمة، إلى أن صمتت أنفاسه دون مقاومة. ألم تعلم بعد سيّدي القاضي هوية القتيل؟ إنّه الجهل الذي جثم على فكري، فأردت أن أرسله سريعًا إلى العالم الآخر حيث يقدّسه أمثالك.

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

1 فكرة عن “القـــراءةُ خيانة عظمى”

  1. الأمين الكحلاوي

    شكرا السيد مهاب القراءة حياة للقلوب وغذاء للعقول أمر بها خالق الأكوان وكان أول ما أنزل “اقرأ” أمرا وحثا ونصحا وتوجيها ودعوة لاكتشاف العالم من طريق فعل القراءة فالكون كتاب كبير مفتوح لأصحاب العقول خاطرتك مفيدة وتهمتك فعلا خطيرة فكف عن القتل العمدحتى يستريح التافهون والمدلسون وكهنة المعابد ولا تقض مضاجعهم فهم أعداء الكلمةالحرة ولا يرضون بالنظر في الكتب بله قراءتها القراءة عندهم جناية كبيرة فكم ألسنة قد قطعت ورقابا قد ضربت وأنفسا ازهقت عبر التاريخ لأن أصحابها تاقت أنفسهم إلى تصفح الكتب

اترك رداً على الأمين الكحلاوي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet