الفتـح العثمانـي لتونس

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 2

بقلم: د. نجدت أوزتورك

تعريب: د. مصطفى الستيتي

 

كانت تونس تحتلّ موقعًا استراتيجيّا على غاية من الأهمية بالنّسبة إلى الدّولة العثمانية في سعيها لتركيز نفوذها في غرب المتوسط، وقد فُتحت تونس لأوّل مرة في عهد السّلطان سليمان القانوني، فقد أدرك البحّار الكبير والأميرال خير الدين بربروس أهمّيتها وخصوصًا حلق الوادي[1] في تأمين مواقع حصينة لمعسكراته في تلك المناطق فعرض على السّلطان ضمّها إلى أملاك الدّولة العثمانية وأخذَ الإذن منه بذلك[2].

 

وفي ربيع عام 1534م تم توديع[3] خير الدين بربروس باشا قبل أن ينطلق من اسطنبول مكلّفًا بمهمة[4] دحر قوات شرلكان ملك إسبانيا وحلفائه في البحر الأبيض المتوسط وضمّ تونس إلى أراضي الدّولة العثمانيّة. وأبحر بربروس برفقة 84 قطعة بحريّة[5]، وعبَر السّواحل الإيطالية. وحقّق بعض الانتصارات في مضيق “مَسينا” وبعض المواقع الأخرى[6]. والسبب الذي حدَا بخير الدّين لضرب السّواحل الإيطالية هو بعث رسالة إلى الدّول الأوروبية بشأن نواياه في تونس[7].  وبالإضافة إلى ذلك، فقد كان، بواسطة هذه الممارسات، يسعى إلى جرّ “أندريَا دوريا” إلى حرب بحريّة.

 

بعد أن دكّ خير الدّين باشا السّواحل الإيطالية بالمدافع عبَر إلى الجزائر، ومن هناك انطلق نحو تونس الهدف الرّئيس من حملته. في هذه الأثناء كان حُكم تونس بيد مولاي الحسن من سلالة بني حفص[8].  وكان مولاي الحسن هذا يحكم تونس حكمًا وراثيّا، بيد أنّه أهمل شؤون الدولة والجيش وانغمس في اللّهو والمجون[9].

 

وصل بربروس إلى حلق الوادي، وأنزل جنوده إلى البرّ بغاية الاستيلاء على تونس. وأمّا الأهالي المتشوّفون إلى العدالة فقد كانوا يرون في خير الدين بربروس المخلّص لهم من براثن الظّلم. وعندما أدرك الحسن حاكم تونس أنّه لا قِبلَ له بمُواجهة خير الدّين فرّ من مجابهته ، وهكذا تم الاستيلاء على حلق الوادي أهمّ ميناء في تونس (14 أوت 1534م)[10].

 

أمر خير الدّين بربروس بقراءة الخُطبة على المنابر باسم السّلطان، كما ضرب السّكة باسمه كذلك[11]. وبعد فترة قصيرة عمد مولاي الحسن إلى جمع شتات قواته وسار إلى تونس في مناسبتين، بيد أنّه فشل في تحقيق أيّة نتيجة، ثم فرّ واستنجد بالإمبراطور شارلكان وطلب منه الدّعم[12].

 

لم يستمر حكم خير الدّين في تونس وقتًا طويلاً، فقد خشي شارلكان من استلاء الأتراك على تونس وتثبيت أقدامهم فيها، واستجابة لطلب النّجدة الذي قدّمه مولاي الحسن أعدّ في ربيع عام 1535م أسطولاً مكونًا من 500 قطعة بقيادة “أندريا دوريا“. وبالرّغم من أن إسبانيا خلال القرن السّادس عشر كانت تمتلك أقوى الأساطيل البحريّة إلا أنها لم تكن تجرؤ على مقارعة الدّولة العثمانية منفردةً. ولهذا السبب شارك في هذه الحملة الصليبيّة بقيادة إسبانيا الإيطاليون والألمان وفرسان المعبد في مالطا والبرتغاليّون[13]. وشارك الامبراطور بنفسه في الحملة، وقدم إلى حلق الوادي وأنزل نحو 25 ألفًا من الجنود إلى البرّ.  وبعد مقاومة طويلة، اضطر خير الدّين إلى الانسحاب إلى الجزائر  بسبب ما لحق التّونسيين من أذًى، وتمكن شارلكان من الاستلاء على حلق الوادي (14جويلية سنة 1535م)[14].  وعلى هذا النّحو عادت هذه القلعة – التي تعدّ بمثابة مفتاح بوابة تونس – بيد الأعداء من جديد. على إثر ذلك، استباح الجنود الإسبان مدينة تونس ونهبُوها مدّة يومين كاملين، وقُتل 30 ألف شخص، وتم أسر 10 آلاف، وتم تخريب الجوامع والمدارس والمكتبات، وتمزيق الكتب النّفيسة وحرقها[15].

 

وفي أوت سنة 1535 أبرمت اتّفاقية ما بين شاركان ومولاي الحسن، واحتوت على  بنود قاسية في غير صالح مولاي الحسن[16]. ومن أجل تأمين حلق الوادي ومدينة تونس ترك شارلكان نحو 10 آلاف جندي و10 سفن وعاد إلى بلاده[17].

ولو أنّ مولاي الحسن لم يعقد اتّفاقه مع شارلكان، ولم يخذل الأتراك العثمانيين لما خرجت تونس من يدهم أول مرة بتلك السّهولة. فعلاقة العثمانيين بشمال أفريقيا وخصوصًا بالبلاد التونسية ليست وليدة نزوة عابرة. ذلك أنّ اهتمام الدّولة العثمانية بتونس، إضافة إلى الرغبة في تحقيق مصالحها الذاتيّة، غايته ضم السّكان المسلمين في هذه المناطق إلى الإدارة العثمانية التي كانت تتميز بالعدالة والقسط. كما أن من بين أهداف السياسة العثمانيّة تقديم الدّعم لمسلمي “الأندلس” ونجدتهم بعد بسط سيطرتهم على سواحل شمال أفريقيا[18]. ومن أجل تقديم هذه المساعدة كان من الضروري أن يتمركز الأسطول في حلق الوادي[19] وأن يضبط السّواحل الأفريقيّة إلى حدود “مضيق سبتة“.

 

لهذا الاعتبار فإن علاقة الدولة العثمانيّة بتونس لم تفتر يومًا من الأيام، وقد مارس كلّ من بايلار باي الجزائر وطرابلس الغرب[20] ضغوطا معنويّة على تونس، وفي عام 1557م تمكن أمير البحر بِيَالَه بَاشا من الاستيلاء على ميناء “بنزرت” شمال تونس[21]، ويعدّ ذلك إشارة قويّة إلى الأهميّة البالغة التي توليها الدّولة للمسألة التونسيّة.

 

كانت تونس واقعة بين منطقتين خاضعتين للحكم العثماني هما الجزائر وطرابلس الغرب، وتنعمان بالأمن والاستقرار، وكان الشّعب التّونسي بدوره يأمل في نيل شيء من هذا الأمن والاستقرار. ولقد أصبح أهالي تونس ينظرون إلى الأتراك باعتبارهم مخلصين لهم من ربقة الحكم الإسباني والحفصي، فهذا الحكم لم يوفر لهم جو العدل والتسامح الذي يتُوقون إليه. ولهذا السّبب قدمت هيئة متكوّنة من أهالي تونس إلى اسطنبول والتمست من السّلطان سليمان القانوني في ذلك الوقت تخليص حلق الوادي من يد الإسبان[22].

 

بعد السّلطان سليمان القانوني ظلّت المسألة التّونسية ضمن دائرة اهتمام الدّولة العثمانية والتي اعتلى العرش فيها ابنه السّلطان سليم الثّاني. وقد استغلت الدّولة العثمانية الاضطرابات التي كانت حاصلة في تونس من أجل إخضاعها لسلطتها من جديد، وفي 2 محرم 976 هــ(27 جوان سنة 1568م) تم تعيين[23] أولوتج علي باشا على بكلارباي جزائر الغرب ليهتم بهذا الموضوع. كان أولوتش علي باشا يعتقد دائمًا أنّه من الضّرورة بمكان الاستيلاء على تونس التي تمثل قاعدة تحرّك مهمّة بالنّسبة إلى العدوّ من أجل ضمان أمن الحكم العثماني في كلّ من الجزائر وطرابلس الغرب. وبعد اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الوضع في الجزائر سار نحو تونس في شهر سبتمبر عام 1569 على رأس 5 آلاف من المسلحين بالبنادق و6 آلاف من العرب المحلّيين المسلّحين. وعندما أدرك حاكم تونس مولاي حميد أنه مهزوم لا محالة ورأى أن أبواب مدينة تونس قد أغلقت في وجهه لجأ إلى حصون الإسبان في حلق الوادي. وتمكنت القوات العثمانية من دخول مدينة تونس دون أن تُجابه بأيّة مقاومة (نهاية 1569م). ترك أولوتش علي بك في تونس قوة قوامها 3 آلاف جندي بقيادة رمضان بك، وبسبب علمه باستعداد الإسبان وتحضيرهم لحملة جديدة اضطر للعودة إلى الجزائر[24].

 

أثناء فتح قبرص، قدم قائد يحمل اسم “قره جه خُوجا” وبشر (979 هــ/1571م)[25] بأنّ بايكلار باي الجزائر أولوتش علي باشا قد انتزع مدينة تونس من يد عائلة بني حفص التي تخضع لحكم الإسبان، كما أنّه هزم أسطولاً تابعا لمالطا، وأنه سوف يشترك قريبًا بنحو 20 باخرة مع الأسطول الهمايوني في المياه القبرصيّة.

 

لقد رسخت قناعة لدى أولوتش علي باشا أنّه لا بد من الظّفر بحلق الوادي من أجل التّحكم في تونس والسيطرة عليها. كان يدرك تمام الإدراك أن صقلية ومالطة وحلق الوادي ثلاثة مضائق تفصل بين شرق المتوسط وبين غربه، ومن الأهمية بمكان التمركز في حلق الوادي حتى يكون ممكنًا التنقل فيما بينها بكلّ أمان[26].  لكن، بالرغم من الاستيلاء على مدينة تونس للمرة الثّانية إلا أن حلق الوادي ظلّ بيد الإسبان.

 

كانت إسبانيا حريصةً كلّ الحرص على استثمار الأوضاع التي كانت فيها الدولة العثمانيّة من أجل المحافظة على مكاسبها في شمال أفريقيا، وترسيخ وجودها في هذه المناطق وانتهاز الفرص لإرسال قوات جديدة في كلّ مرّة. وفي مواجهة أية هجمات محتملة من قبل الإسبان على نواحي تونس والجزائر وطرابلس الغرب أُرسلت الأوامر من الدّيوان الهمايوني إلى بكلاربايات (أمراء) هذه الأماكن من أجل اتخاذ التّدابير اللاّزمة والتزام الحيطة والحذر [27].  وبالإضافة إلى ذلك توجد أوامر (أحكام) تتعلّق بإرسال سفن ومعدّات وعساكر بناء على الطلب الذي تقدّم به أولوتش علي باشا إلى اسطنبول لمواجهة أيّة مخاطر إسبانيّة[28].

 

بعد فتح قبرص (1571م) تعرض الأسطول التركي لهزيمة “إينه باختي Inebahti” (7 أكتوبر 1571م)[29]، وسقط فيها عدد كبير من الشّهداء في مقدمتهم أمير البحار مؤذن زاده علي باشا، كما أن خسائر العثمانيّين المادّية كانت فادحةً. أخيرًا تنفست الدّول الأوروبية الصّعداء بعد أن عاشت لقرون ترتعد فرائصها تحت وطأة الخوف من العثمانيّين، ومع ذلك فإن النفوذ التركي الذي ركزه بربروس في البحر المتوسط لم يهتزّ،  وكانت النتائج المادية لكارثة “إنَه بَاخْتي” صفرًا بالنّسبة إلى الأوروبيين[30].

 

أثناء هزيمة “إينه باختي” كان السّلطان موجودًا في أدرنه[31].  وقد أُبلغ السّلطان بهذا الخبر الأليم بواسطة أحد رجال أولوتش علي باشا[32].  وأسند السّلطان سليم الثّاني رتبة “قبطان” لــ”أولوتش علي باشا” مكافأة له على التّدابير الحكيمة التي اتخذها للحيلولة دون وقوع مزيد من الخسائر في صفوف قوات الأسطول العثماني، وأُطلق عليه لقب “قليج” بدل “أولوتش”[33].

 

ما إن علم السلطان سليم بخبر هذه الكارثة حتى غادر أدرنه حيث كان يقضي فيها أيّام الشّتاء، وعاد على الفور إلى اسطنبول، وأصدر الأمر للحكومة بتشكيل أسطول جديد[34].  وفي شتاء عام 1571م تم بناء أسطول جديد خلال بضعة أشهر بإمكانيات ذاتيّة خالصة[35].

 

اعتقد العدّو أن القوات البحرية العثمانيّة قد أُبيدت عن بكرة أبيها، ولذلك كان لابدّ للعثمانيّين من إظهار الدّليل على أنّ  أسطولا قويّا جديدًا قد أصبح جاهزًا. ولهذا الغرض، شق الأسطول الجديد طريقه في عرض البحر باتّجاه البحر المتوسّط بعد أن جرت مراسم عسكرية ودينيّة بين يدي تُربة بربروس الموجودة في بشيكطاش[36]. وبالإضافة إلى ذلك، كان من الضّروري تنفيذ هذه الحملة باعتبار أنّ جميع سواحل الامبراطورية كانت مفتوحه أمام شتى أنواع اعتداءات العدوّ.

 

في شهر صفر عام 980 هــ(جوان 1572م) وصل هذا الأسطول[37] المتكوّن من 250 سفينة وزورق إلى ميناء نافارين[38]. أصيب الأسطول التّابع للبندقية بالدّهشة عندما وجد نفسه وجهًا لوجه مع الأسطول التّركي، فهو لم يتخيّل قطّ أنّ العدو بوسعه بناء أسطول جديد بهذه العظمة في وقتٍ قصير للغاية. في هذا الوضع، أدرك الإسبان أنه لن يكون من الممكن كسر شوكة قوة الأتراك وقدرتهم، فتركوا البنادقة يواجهون مصيرهم بمفردهم. ولما وجد البنادقة أنفسهم بلا سند اضطروا لعقد اتفاقية سلام مع الأتراك العثمانيّين (14 ذي القعدة 980 هــ/18 مارس 1573م)[39].

 

انطلق الأسطول التركي من اسطنبول في 2 صفر سنة 981 هــ (3 جوان سنة 1573م) وشقّ طريقه في البحر الأبيض المتوسّط مستعرضًا قدراته. وكان الأسطول متكونًا من 258 سفينةحربية و 12 زورقًا يقوده كل من الوزير بيَالة باشا وأمير البحر قليج علي باشا. في نهاية هذه الحملة تم ضرب سواحل “بُوليا” (Pulya)[40]،   كانت نتيجة الحملة في نهاية عام 1572م لفائدة الأتراك بشكل كامل من خلال توقيع اتفاقية السّلام بين البندقية والعثمانيين، أمّا في هذه المرّة فكانت الغاية بشكل أساسيّ تشتيت شمل  الدّول الأوروبيّة المسيحية وشق صفوفها.

 

بعد عقد اتفاق السّلام مع البندقيّة عَبر “دون جوان” قائد التّحالف إلى سواحل أفريقيا برفقة 90 سفينة حربيّة  بنيّة الاستيلاء على تونس[41]، وفي الوقت نفسه قدم الحاكم الحفصي حميد إلى تونس ومعه 150 قطعةً من السّفن[42]. أدرك باكلارباي تونس حيدر باشا[43] أنّه لن يكون بوسعه مواجهة هذه القوّة فانسحب إلى القيروان. أمّا “دُون جوان” فلم يمنح السّلطة في تونس لحميد بل لأخيه مولاي محمّد، وترك معه 8000 عسكري لحمايته[44].

 

في العام الأخير من حكم السّلطان سليم الثّاني حظيت المسألة التّونسية باهتمام أكثر جدّيةً. وقد أمــر السّلطان سليم الثّاني نفسُه بالسّيطرة على قلعة حلق الوادي التي تخضع لحكم الإسبان منذ سنوات طويلة وذلك لما لها من أهمّية من أجل فتح تونس[45].

 

لأسباب كثيرة عارض الوزير المقتدر صوقولّلو محمد باشا الحملة على قبرص، لكن بأمر من السلطان سليم الثّاني[46] تم تنفيذ هذه الحملة، وإخراج البنادقة من جزيرة قبرص تأسيس الحكم العثماني في شرق البحر الأبيض المتوسّط. بيد أنه كان من الضروريّ أيضًا بسط الأمن في غرب البحر الأبيض المتوسط من أجل تركيز هيمنة حقيقيّة في البحر الأبيض. كانت تونس تمثّل قاعدةً خطيرة للإسبان ضمن المناطق التّابعة للدّولة العثمانيّة في شمال أفريقيا، ومن أجل عثمَنتها كان لابدّ من كسر قدرات الإسبانيّين الذين يعدّون المنافسين الحقيقيين للعثمانيين طوال قرن تقريبًا. وفي حالة الاستيلاء على كامل البلاد التّونسيّة فإن مجال الحكم التّركي في شمال أفريقيا يُصبح في شكل شريط متّصل ومترابط ترابطًا كاملاً.

 

في شتاء عام 982 هـ (1574م)  جرت كافة الاستعدادات في سبيل فتح حلق الوادي. وقد ورد في الحكم الصّادر عن الدّيوان الهمايوني والموجه إلى كلّ من حيدر باشا بكلارباي تونس ورمضان باشا بكلارباي الجزائر والمؤرخ بتاريخ 15 ذي الحجة 981 (8/9 أفريل سنة 1574م) أنّه من أجل فتح حلق الوادي سوف ينطلق من اسطنبول في الأول من محرم سنة 982 (23 ماي سنة 1574م) اسطول مكون من  300 قطعة، وتم الاستفسار من باي تونس والجزائر عن أيّ المناطق أنسب للمحاصرة تونس أم بنزرت.  بالإضافة إلى ذلك، فقط طلب منهما الدّخول في تعاون مع كلّ من مصطفى باشا بكلارباي طرابلس، وأحمد باشا بكلارباي الجزائر من أجل إيلاء الأهمّية اللازمة لفتح تونس، وأمر بتجهيز جميع المعدّات الضّرورية بكميات وافرة لاستخدامها في عمليّة حصار القلعة دون إضاعة الوقت[47].

 

اختار السّلطان سليم الثّاني الوزير قوجا سنان  باشا المشهور بفاتح اليمن على رأس القوات البرية، وأمير البحر قلج علي باشا[48] على قيادة القوات البحريّة. بعد زيارة تربة بربروس، تحركت هذه القوات من اسطنبول بتاريخ 23 ماي، ووصلت إلى “يَدِي كُولَهْ”، ومكثت فيها ليوم واحد[49]، وهناك تمّت معاينة جهوزيّتها. كان هذا الأسطول المخصص لفتح حلق الوادي أقوى الأساطيل البحريّة لدى الدّولة العثمانيّة على الإطلاق. وقد شاركت في هذه الحملة جيوش الأناضول وقَرمان ومَرْعَش[50].

 

تحرك الأسطول من “يَدِي كُولَه“، وأمضى في “كاليبولي”  ليلة واحدةً[51]. وبعد تشحيم السفن في “سَاقِــزْ” و “تْشَشْمَه“و “قِزلْ حِصَار[52] تم تعيين 15 سفينة وعدد من العساكر بأمر من أمير البحر لبث الخوف في المناطق التي يتمركز فيها العدو [53] . وعند الوصول إلى ميناء  “نَافَارِين” أجريت مشاورات ومحادثات للتّخطيط للخطوات التي سيتم اتباعها. وعندما وصل الأسطول إلى “ميناء إنْجِير[54] التابع لإحدى البلدات المسلمة خيّم هناك واضطر للانتظار  عدّة أيام بسبب رداءة الجو[55].  في هذه الأثناء تمّ إجراء الصّيانة اللازمة للسّفن، وتمكن الجنود من أخذ قسطٍ من الرّاحة، وبعد أن هدأ الجوّ انطلق الاسطول من جديد، ووصل إلى جزر “ميسينَا” التّابعة للحكم الإسباني إثر سبعة أو ثمانية أيام من السّير، وألحق بالعدو خسائر فادحةً[56].

 

بتاريخ 10 ربيع الأول (30 جوان) وصل الأسطول الهمايوني إلى “كَلافْريَا”  وضرب هذه النّواحي. ثم وصل بعد يومين إلى “سَاراقُسْتا[57]. وانطلاقا من هنا توجه الأسطول رأسًا إلى منطقة يُقال لها “خليح قليبية” وهنا تمّت مراجعة الاستعدادات للحرب مرة أخرى[58].

 

بتاريخ الثلاثاء 24 ربيع الأول سنة 982 هــ(14 جويلية سنة 1574م)[59] وصل الجنود العثمانيّون إلى محيط قلعة “حلق الوادي”، ونصبوا خيامهم هناك، ثم وجهوا مدافعهم صوب الأسوار.  وكلف الوزير سنان باشا كلاّ من حيدر باشا بكلارباي تونس ومصطفى باشا بكلارباي طرابلس الغرب بتنفيذ الحصار بمساعدة من الجيش الانكشاري ومتطوّعين من مصر[60].  أمّا أمير البحر قليج علي باشا فقد ركّـــز اهتمامه على المنافذ البحريّة[61].  بعث سنان باشا مرّتين برسولٍ إلى العدوّ يقترح عليه حلّ المشكل سلميّا إلاّ أنّه تعنّت ورفض مقترحه[62].  تمكن الجنود العثمانيّون من السيطرة على “قلعة الماء” su kulesi وهي تبعد نحو مِيليْن إلى ثلاثة أميال، ومنها تمّ تأمين المياه اللازمة للجنود أثناء تنفيذ الحصار[63].

كانت المناطق المجاورة لحلق الوادي قد أحيطت بخندقٍ ملئ ماءً[64].  وكان لابد من ردم الخندق من أجل الوصول إلى الأسوار. ولهذا السّبب عمد الأتراك العثمانيّون إلى الإلقاء بكلّ ما يصادفونه في طريقهم في هذا الخندق. وبعد حرب استمرت لمدّة ثلاثة وأربعين يوماً بليلها ونهارها[65]، تمكن العثمانيّون بتاريخ 6 جمادى الأولى سنة 982 هــ(24 أوت سنة 1574م) من اقتحام الأسوار والاستيلاء على القلعة[66].

 

عندما كان الإسبان يشيّدون أسوار حلق الوادي كانوا يدركون جيّدًا أنّ الاستيلاء عليها يعني التّحكم في مقادير جميع مناطق شمال أفريقيا، ولهذا السّبب فإن الإبقاء عليها على حالها يحمل في طيّاته، بلا شكّ، مخاطر جمّةً. وتبعا لذلك فإنّ العثمانيّين قرروا تخريب هذه القلعة تحسّبًا لأيّ خسارة لها وعودتها إلى يد العدوّ مرّة أخرى. قام الجنود العثمانيّون بوضع ألغام في 36 موقعًا[67]، ثم فجّروها وأشعروا فيها النّيران بعد أن سحبوا الجنود وأبعدوا البواخر عن السّواحل. تم أسر محمد الحفصي من العائلة الحفصيّة، وكسب مغانم كثيرة. كما تم ضرب أعناق 5000 من العدو، وأسر 2000 منهم، وبالمقابل استشهد عدد كبير من العساكر والقوّاد العثمانيّين. وبالنسبة إلى المدافع التي وقع اغتنامها وعددها 205 مدافع[68] فقد حُمّلت في بواخر ونُقلت إلى اسطنبول.

 

بعد فتح حلق الوادي سار السّردار والقَبطان رفقة الأسطول الهمايوني نحو قلاع “الباستيون” السّتة التي أنشأها الإسبان على مقربة من مدينة تونس. وبتاريخ 27 جمادى الأولى (15 سبتمبر)[69] تم الاستلاء على الباستيون، وقد وُجد داخله نحو 200 رجل، وبتخريب الباستيون لم يبق للإسبان مكانٌ يلوذون به. وبالسّيطرة على هذا الموقع اكتمل فتح تونس، وقد جاء ذكرها في مؤلفات[70] عالي وبتشوي باسم “بحيرة حلق الوادي” و “معقل حلق الوادي“، كما تحدثا عن فتح استحكامات صغيرة الحجم بداخلها نحو 100 شخص.

 

بعد ضمّ تونس بشكل نهائي إلى الدّولة العثمانيّة ترك سنان باشا نحو 4000 من الانكشارية في تونس قبل أن يقفل عائدًا إلى اسطنبول.  وتم تعيين حيدر باشا أول بكلارباي لتونس، في حين تم تكليف رمضان باشا بإدارة الشؤون الماليّة وجمع الضّرائب.  ومن جابب آخر عَيّن سنان باشا أحد القضاة في تونس لتطبيق الأحكام الشرعيّة فيها[71]. عاد كلّ من سنان باشا وأمير البحر قليج علي باشا رفقة الأسطول الهمايوني إلى اسطنبول، ولم يفرضا أيّة ضرائب على تونس لفائدة الدّولة العثمانيّة[72]. وحصل كلّ من السّردار والقبطان على جوائز كبيرة من جانب السّلطان تقديرًا لما أحرزاه من نصر وما أبدياه من شجاعة في قيادة الجيش والأسطول. وانطلاقا من هذا التّاريخ أصبحت تونس ولاية عثمانيّة شأنها شأن الجزائر وطرابلس الغرب,  وتواصل هذا الوضع حتى الاحتلال الفرنسي عام 1881م[73].

 

و”الخلاصة”  كان فتحُ تونس بمثابة البلسم الذي ضمّد الجُروح التي أصابت الدّولة في “إينه باختي”، فقد أنزلت بالإسبان هزائم ثقيلة بعد خسائر البندقيّة. وقد وضع خروجُ تونس من يد الإسبان حدّا لنفوذها في شمال أفريقيا، كما أنهم هزموا أمام العثمانيّين في صراعهم معهم في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسّط. وبالاستيلاء على هذه القواعد أصبحت تحركات البواخر العثمانية في البحر الأبض المتوسّط آمنة تمامًا. وبما أن تونس أصبحت تابعة بشكل كامل للدولة العثمانيّة فإن ساحة النّفوذ العثماني في شمال أفريقيا قد توسّعت وتمدّدت لتشكل شريطًا متصلاً. وعلى هذا النّحو فإن منطقة كامل “شمال أفريقيا” بدءًا من “المغرب الأقصى” وصولاً إلى “السّويس” أصبحت- ولمدّة مئات السّنين- تابعة للإمبراطورية العثمانيّة أحيانًا بشكل كامل وأحيانًا أخرى بشكل جزئيّ.

 

  • نُشر هذا البحث في “مجلة بحوث العالم التركي (Türk Dünyası Araştırmaları Dergisi)، العدد 52، فبراير 1988، ص. 103-113.

المصادر والمراجع والهوامش: 

[1] “الحلق” أو” حلق الوادي”. وبالفرنسيّة ” “La Goulette”, وبالإيطاليّة “Goletta”, وبالعربيّة “حلق الوادي”. وحلق الوادي مرفأ وميناء قديم في تونس من العهد القرطاجنّي، أصبح ميناء لتونس فيما بعد، وهو يستخدم في الدّفاع وفي الوقت نفسه يعدّ موقعًا للجمارك. وهو محاط ببحيرة تمتدّ حتى مدينة تونس، ولهذا الاعتبار فإن عمليّة الدّفاع عن القلعة تصبح يسيرةً. ولحلق الوادي قلعتان إحداهما تسمى “قلعة الملح” والأخرى “قلعة الماء”. ويقع حلق الوادي في الشّمال الشرقي من مدينة تونس على مسافة 9 أميال منها. وهو يعد اليوم أهم ميناء في تونس في مجال التصدير والتّوريد، وهو قصبة ساحليّة لطيفة الجو. ولم يبق من القلعة اليوم سوى الأسس الأولى منها (لمزيد من المعلومات المفصّلة انظر: مادة “حلق الوادي”، الموسوعة الإسلامية البريطانية  ( Encylopedia of lslam ،(ليدن، 1971، الجزء الثالث، ص. 94؛ بيري رئيس، كتاب بحرية، المكتبة الشعبية، أ. أميري، جغرافيا ، الجزء الثاني، ص. 136 أ؛ كاتب جلبي، تحفة الكبار في أسفار البحار، المكتبة الشعبية (ملت كتبخانه سي)، أ. أميري، رقم 903)، اسطنبول 1141، ص. 20 أ، 40 أ؛ ج. ف. هامر، تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة م. عطا، اسطنبول 1330، الجزء الخامس، ص. 172، 174.

[2]  أسفار البحار، ص. 20 أ.

[3]  “Barbaros Hayreddin Paşa“, Islam Ansiklopedisi, (lstabul 1977), II ,313.

[4]  للاطلاع على مراسم خروج الأسطول العثماني إلى البحر انظر:

l.Hakkı Uzunçarşılı, Osmanlı Devletinin Merkez ve Bahriye Teskilati  (2.baski), Ankara 1984, p.437-444.

[5]  ورد في أسفار البحار، ص.20 أ  وكذلك في الجزء الخامس من كتاب هامر ص. 171 أنّ عدد السّفن كانت 88 سفينةً وعدد الجنود 8000 من الانكشارية. أمّا في “خلاصة أحوال تونس الغرب” لمؤلفه صحافلار  شيخي زاده أسعد أفندي (مكتبة جامعة اسطنبول، دون تاريخ، رقم 6145، 321 ب)، وكذلك في التاريخ العثماني (Osmanli Tarihi) لمؤلفه أوزون تشارشيلي (الطبعة رقم 3، أنقرة 1975، الجزء الثاني، ص. 372) فإنّ عدد السّفن كان 80 سفينةً.

[6]  الموسوعة الإسلامية، المكان نفسه؛ أوزون تشارشيلي، التاريخ العثماني، الجزء الثاني، المكان نفسه.

[7]  هامر، تاريخ الدّولة العثمانيّة، الجزء الخامس، ص. 171.

[8]  أوزون تشارشيلي، التّاريخ العثماني، الجزء الثاني، المكان نفسه.

[9]  الموسوعة الإسلامية، المكان نفسه.

[10]  الموسوعة الإسلامية، المكان نفسه؛ وتشير بعض المصادر إلى أن فتح تونس أوّل مرة من قبل الأتراك العثمانيّين كان بتاريخ 936 هــ(1529م)، أنظر:  فؤاد الجارم، Cezayir’de Türkler (الأتراك في الجزائر)، اسطنبول 1962، ص. 463، ومحمد مقصود أوغلو،  “Tunus’ta Dayıların Ortaya Çıkışı” (ظهور الدايات في تونس)، جامعة أنقرة، مجلة كلية الإلهيات، أنقرة، 1967، العدد 14، ص. 190، وأحمد بن أبي الضياف، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تونس 1964، الجزء الثاني، ص. 13.

[11]  مقصود أوغلو، ص. 190.

[12]  إبراهيم بتشوي، تاريخ بتشوي، اسطنبول 1283، الجزء الأول، ص. 493 وما بعده.

[13]  هامر، تاريخ الدولة العثمانية، الجزء الخامس، ص. 172.

[14]  اعتمادًا على ما ورد في المصادر والمراجع التّالية فإنّ استرجاع تونس من قبل شارلكان كان بتاريخ 941 هــ(1534م)، انظر: هامر، تاريخ الدّولة العثمانية، الجزء الخامس، ص. 173؛ أوزون تشارشيلي، التاريخ العثماني، الجزء الثاني، ص. 373؛ الأتراك في الجزائر، ص. 48؛ مقصود أوغلو، ص. 190؛ الإتحاف،  الجزء الثاني، ص. 13؛ كتاب غزوات أوروتش و خير الدين، نورالدين عبد القادر، ص. 12.

[15]  هامر، تاريخ الدولة العثمانية، الجزء الخامس، ص. 175؛ الأتراك في الجزائر، ص. 49.

[16]  وفقا لذلك يتم إطلاق سراح جميع الأسرى المسيحيّين، وتكون للمسيحيين الحرية في السّكن بالمدينة وإقامة شعائرهم. وبالإضافة إلى ذلك يقبل الحسن بتسليم مدينة بنزرت وغيرها من المدن التّونسية التي كانت بيد خير الدين إلى شارلكان، كما تنتقل حلق الوادي بالكامل إلى تصرّفه كذلك (لمزيد من التفاصيل أنظر: هامر، تاريخ الدولة العثمانية، الجزء الخامس ، ص. 176).

[17]  هامر، تاريخ الدولة العثمانية، الجزء الخامس ، ص. 176.

[18]  خير الله أفندي، عثمانلى دولتى تاريخى، اسطنبول 1292، الجزء السابع، ص. 41.

[19]  تاريخ بتشوي، الجزء الأول، ص. 493.

[20]  بخصوص ضم كل من الجزائر وطرابلس الغرب إلى الممالك العثمانية انظر: أوزون تشارشيلي، التاريخ العثماني، الجزء الثاني، ص. 371 وما بعده، ص. 385 وما بعده.

[21]  أسفار البحار، ص. 33a.

[22]  هامر، تاريخ الدولة العثمانية، الجزء السادس، ص. 108.

[23]  الأرشيف العثماني، دفاتر المهمة، رقم 5، ص. 478. كانت الجزائر في هذه الفترة مقسمة إلى قسمين؛ الجزائر الأصليّة وجزائر الغرب أو جزائر المغرب، واحدة منهما على رأسها بكلارباي الجزائر أمير البحر  علي باشا، والأخرى على رأسها بكلارباي جزائر الغرب أولتش علي باشا. بخصوص هذا الموضوع انظر: أوزون تشارشيلي، التاريخ العثماني، الجزء الثاني، ص. 17، ملاحظة 2.

[24]  أ. سامح إلتر، Şimali Afrika’da Türkler (الأتراك في شمال أفريقيا)، اسطنبول 1934، الجزء الأول ، ص. 183 وما بعدها؛ الأتراك في الجزائر، ص. 107 وما بعدها.

[25]  مصطفى عالي غاليبولولو، كنه الأخبار، مكتبة جامعة اسطنبول، دون تاريخ، رقم 5959؛ الأتراك في شمال في أفريقيا، الجزء الأول، ص. 184. ولمزيد من المعلومات بخصوص التحاق أولتش علي باشا بالأسطول الهمايوني: دفاتر المهمة، رقم 10، ص. 14.

[26]  الأتراك في شمال أفريقيا، الجزء الأول ، ص. 182.

[27]  أنظر مثلا: دفاتر المهمة، رقم 10، ص. 4، 14، 17؛ دفاتر المهمة رقم 22، ص. 218.

[28]  دفاتر المهمة، رقم 16، ص. 357.

[29]  يُطلق على هذه الحرب البحريّة في التّواريخ العثمانيّة اسم “حملة سنغين” (أسفار البحار، ص. 22a وما بعدها)؛  “أسطول سينغون” (صولاق زاده، تاريخ صولاق زاده، اسطنبول 1298، ص. 593). إينه باختي من القواعد العثمانيّة البحرية التي انتزعها العثمانيون من الجنويّيــن في عهد بايزيد الثّاني (1499م).

[30]  إ. حامي دانشمــند، İzahlı Osmanlı Tirihi Kronolojisi (شرح كرونولوجيا التّاريخ العثماني)، اسطنبول 1971، الجزء الثاني، ص. 409.

[31]  وفقا لسلانيكي “…فإنّ السّلطان سليم ذهب إلى أدرنه في أوساط جمادى الأولى سنة 979 (أواسط أكتوبر سنة 1571م)…وقد بلغه خبر هزيمة الأسطول في يوم وصوله إلى أدرنه…وأغلب الظن أنّه خرج من اسطنبول في يوم الأحد، وهو اليوم الذي وقعت فيه الهزيمة…” (تاريخ سلانيكي، اسطنبول ص. 107).

[32]  يورد كاتب جلبي أن هذا الخبر الأليم قد وصل إلى مسامع السّلطان وهو في أدرنه بتاريخ 3 جمادى الآخرة سنة 979 هــ(23 أكتوبر سنة 1571م) (أسفار البحار، ص. 44a).

[33]  حكم إلى بكلارباي جزائر الغــرب (أولوتج علي باشا): ” لقد قرّر الجناب السّلطاني شمولك في الوقت الحاضر بمزيد العناية، وتفويضك اعتبارًا من السّادس من شهر جمادى الآخر 979 (28 أكتوبر 1571م) لتولي منصب بكلارباي الجزائر، وقد أمرتُ بأنّه – حال الوصول-  يتعين عدم التأخّر والتّراخي، وينبغي إرسال الرّجال، وعليك أنت بالذّات القدوم برفقة السفن… والالتحام بالوزير برتاف باشا…. وجمع السفن المتفرّقة وبذل الهمة للمحافظة على المناطق الواقعة بين أغري بوز وصاكز (دفاتر المهمة، رقم 16، ص. 319؛ أوزون تشارشيلي، التاريخ العثماني، الجزء الثالث، ملاحظة 1). وانظر كذلك في هذا الخصوص: تاريخ سلانيكي، ص. 107؛ كنه البحار، ص. 458 ب؛ تاريخ بتشوي، الجزء الأول، ص. 498؛ أسفار البحار، ص. 44أ.

[34]  “حتى إن السّلطان أحدث ترسانة خاصّة (ورشة لصناعة السّفن)  من أجل صناعة 8 قطع من السّفن، وخصص مساحة من الأرض من الحديقة الموجودة بالقرب من التّرسانة” (تاريخ بتشوي، الجزء الأول، ص. 498؛ أسفار البحار، ص. 44 أ).

[35]  تعطي كتب التّاريخ العثمانية معلومات مختلفة بخصوص المدة التي يستغرقها إنشاء أسطول جديد وعدّد السفن التي تمت صناعتها:

“خلال 124 يوما تم إنشاء 134 سفينة صغيرة وطرادة وزورق” (تاريخ سلانيكي، ص. 108).

“ما بين 5و 6 أشهر تم إنشاء نحو  200 قطعة سفينة وزروق (صوكوللو) (كنه الأخبار، ص. 458 ب).

“ما بين 5 و6 أشهر تم الفراغ، قبل حلول الرّبيع، من صناعة أزيد من 200 قطعة سفينة وطرّادة” (تاريخ بتشوي، الجزء الأول، ص. 499).

” خلال ذلك الشّتاء تمّ إنشاء 150 قطعة ما بين سفينة وزورق” (صوكوللو) (أسفار البحار، ص. 44 أ).

” خلال ذلك الشّتاء، تم وصلُ اللّيل بالنّهار، وتّم الفراغ من بناء 250 سفينة…” (تاريخ صولاق زاده، ص. 593).

“خلال 8 أشهر تم إنشاء 150 سفينة و8 قطع ما بين زوارق وسفن شراعيّة” (هامر، تاريخ الدّولة العثمانية، الجزء السادس، ص. 273).

[36]  أطلق كاتب جلبي على هذه الحملة اسم “حملة الحماية” (سفر محافظه). (أسفار البحار، ص. 44 ب).

[37]  تاريخ بتشوي، الجزء الأول، ص. 499؛ أسفار البحار، المكان نفسه.

[38]  في ناحية الجنوب الشرقي من مُورَه هناك قلعة، وميناء اسمه الأصلي “أنافارين“، بيد أن الأتراك يخفّفون نطق الاسم فيقولون “أفَارين“.

[39]  للاطلاع على نص اتفاق السلام بين الدولة العثمانية والبندقيّة انظر: دفاتر المهمة، ص. 165-166.

[40]  تاريخ بتشوي؛ أسفار البحار، المكان نفسه.

[41]  هامر، تاريخ الدولة العثمانية، الجزء السادس، ص. 276.

[42]  تاريخ بتشوي، الجزء الأول، ص. 501.

[43]  عُيـّـن حيدر باشا (توفي عام 1595) بكلاربايًا على تونس في عام 1572م. ومكافأةً له على الخدمات المهمّة التي قدّمها أثناء استعادة حلق الوادي من الإسبان عيّن كذلك بكلاربايًا على الجزائر. لمزيد من المعلومات انظر: Türk Kültürü, VIII/ 94, Ankara 1970, p.64S-658.

[44]  تاريخ بتشوي، الجزء الأول، ص. 501 وما بعدها.

[45]  “كان أمــــرُه أن يُسترجع حلقُ الوادي، وعلى ساعد الجدّ شمّر، وللحَسم نَادى المنَادي”.  (لمزيد التّوسع في هذا الخصوص انظر: Necdet Öztürk, “Kazasker Vusuli Mehmed Çelebi ve Selim-name’si”, Türk Dünyası Arastırmaları, (İstanbul 1987), Sayı:50, p.88.

[46]  “وكان قول السّلطان العظيم وأمره …..أن تُفتح قبرص كذلك ببركته وسرّه ” (وصولي، سليم نامه، ص. 80).

[47]  دفاتر المهمة، رقم 24، ص. 59، 60، 75؛ دفاتر المهمة، رقم 21، ص. 266؛بالإصافة إلى ذلك ورد في حكم مُرسل إلى بكلارباي جزائر الغرب يفيد بأنه تم إرسال 100خيمة من اسطنبول تحسبا لأي نقص فيها، كما صدر الأمر بإعداد جميع اللوازم لكي لا يعاني الجيش من أيّ ضيق في مهمته لفتح حلق الوادي انطلاقًا من الجزائر . (دفاتر المهمة، رقم 24، ص.107). بخصوص خروج الأسطول الهمايوني من اسطنبول بتاريخ 23 ماي انظر: تاريخ سلانيكي، ص. 115؛ تاريخ اليمن، مكتبة جامعة اسطنبول، دون تاريخ، رقم 6045، ص. 580 ب؛ أسفار البحار، ص. 45 أ؛ مقصود أوغلو، (ص. 192 هامش 15)، أما المصادر التونسية المحلية فتورد تاريخ 1 ربيع الأول سنة 981 هــ(1 جويلية سنة 1573م).

[48]  للاطلاع على صورة برات “السّردارلك” الذي أعطي لقلج علي باشا انظر: دفاتر المهمة، رقم 19، ص.149.

[49]  ذُكر يومان في تاريخ سلانيكي، ص. 115؛ وتاريخ اليمن، ص. 686.

[50]  أسفار البحار، ص. 45 أ.

[51]  ورد في تاريخ اليمن، المكان نفسه، أن الأسطول بعد عبوره غاليبولي، مر كذلك بجزر “سبالماتوري” التي تقع بين شبه جزيرة “أوريا” وشمال شرق جزيرة “ساقـــز”.

[52]  قزل حصار (كاريستوس/ Ca.ystus): موقع حصين يوجد شمال جزيرة أغريبوز.

[53]  تاريخ سلانيكي، ص. 116.

[54]  قرية تقع جنوب جزرة “أيَامَافره”.

[55]  تاريخ سلانيكي، ص. 116، 117؛ وصولي، سليم نامه، ص. 90-91.

[56]  تاريخ سلانيكي، ص. 117.

[57]  تاريخ اليمن، ص. 589 أ، 593 أ.

[58]  وصولي، سليم نامه، ص. 92؛ تاريخ اليمن، ص. 594 أ.

[59]  تاريخ سلانيكي، ص. 118؛ وتوجد مصادر أخرى تفيد بأن التاريخ هو 2 ربيع الأوّل (22 يوليو)، انظر: نزيهي آيكوت، تاريخ حسن باي زاده (رسالة دكتوراه غير مطبوعة)، مكتبة جامعة اسطنبول، رقم 2/ 11419، اسطنبول 1980، الجزء الثاني، ص. 82. كنه الأخبار، ص. 460 ب وأسفار البحار،  ص. 54.

[60]  ورد في تاريخ اليمن، ص. 601 أ-ب أن عدد المتطوّعين المصريّين كان 800 فرد، وعدد أفراد الجيش كاملاً 4800 جنديّ.

[61]  أسفار البحار، ص. 45 أ.

[62]  تاريخ اليمن، ص. 600 أ، 601 أ، 606 أ.

[63]  تاريخ سلانيكي، ص. 118.

[64]  توجد معلومات مختلفة في المصادر العثمانية بخصوص عرض الخندق وعمقه: وصولي، (سليم نامه، ص. 93)، عرضه 60 ذراعا، وعمقه 10 أذرع؛ تاريخ اليمن، ص. 596 أ، عرضه 60 ذراعا وعمقه 17 ذراعا؛ كنه الأخبار، ص. 46 ب، عرضه 30 ذراعا؛ أسرار البحار، ص. 45، عرضه 30 ذراعا، وعمقه 10 أذرع.

[65]  بالاعتماد على هذه المعلومات التي أوردها مقصود أوغلو (ص. 192، هامش رقم 21)، وابن أبي دينار (المؤنس في أخبار أفريقية وتونس، تونس 1350، ص. 173) فإنّها تبدو أصوب من الأخبار التي وردت في تواريخنا نحن والتي تفيد بأن القلعة تم الاستيلاء عليها بعد حصار دام 33 يوما( أسفار البحار، ص. 45 أ)، أو 20 يوما (خير الله أفندي، الجزء السابع، ص. 50).

[66]  كنه الأخبار، ص. 460ب؛ تاريخ بتشوي، الجزء الأول، ص. 503؛ أسفار البحار، ص. 45 أ. أمّا التاريخ الذي أورده مقصود أوغلو لفتح حلق الوادي اعتمادًا على المصادر التّونسية، وهو  جمادى الأولى سنة 981 هــ (أوائل سبتمبر سنة 1573م) فهو تاريخ لا يُمكن القبول به.

[67]  جاء في تاريخ اليمن، ص. 635 ب. وأسفار البحار، ص. 45 ب أنه تم إطلاق النار من نحو 30 موضعًا.

[68]  كنه الأخبار، تاريخ بتشوي، المكان نفسه؛ وجاء في أسفار البحار ، ص. 45 أ-ب أنه اغتنام 500 قطعة مدفع.

[69]  تاريخ اليمن، ص. 626 أ؛ ويذكر مقصود أوغلو (ص. 193، هامش رقم 22) اعتمادا على “المؤنس” (ص. 174) أن تاريخ فتح البَاستيُون هو 25 جمادى الأولى 981 هــ(24 سبتمبر 1573م).

[70]  كنه الأخبار؛ تاريخ بتشوي، المكان نفسه.

[71]  مقصود أوغلو، ص. 193.

[72]  بالنسبة إلى رجوع الأسطول الهمايوني إلى اسطنبول، ورد في تاريخ سلانيكي (ص. 118) وأسفار البحار (ص. 45 ب) أنه كان في أوائل رجب (17 أكتوبر)؛ أما في تاريخ بتشوي (الجزء الأول، ص. 503) وفي كنه الأخبار ( ص. 460 ب) فيُذكر أنّه كان في شعبان (نوفمبر ).

[73]  فاخر أرما أوغلو، التاريخ السياسي (Siyasi Tarih)، الطبعة الثانية، أنقرة 1973، ص. 197 وما بعده.

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 2

1 فكرة عن “الفتـح العثمانـي لتونس”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet