الحــرّية في الإســلام

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

بقلم :أ.الأمين الكحلاوي

 

مقدمة

الحرية تمثّل قضية هامة من قضايا الإنسان، وخاصة في عصرنا الحاضر، وهي مطلب أساسي ومقصد شرعي. فالحرّية روح تسري في  هذا الوجود. وما من أحدٍ يستطعمُ مذاقَها حتّى يشعر بمعنى الحياة وتعود  إليه إنسانيّته، هكذا خُلق  الإنسان حرًّا في هذا الوجود كما قال أبو القاسم الشّابي:

خُلقت طليقًا كَطَيف النّسيم            وحرًّا كنُور الضُّحى في سَماه (الشابي، ص. 130).

فكيف له أن يتنازل عن عرشه الطّبيعي ألا وهو الحرية؟

 

ولعل الثورات العربية الأخيرة تمثل تعبيرا عن رغبة الشعوب في التحرر والخروج من دائرة الاستبداد واستتباعاته باحثة لها عن دور حضاري يليق بها، تسترجع من خلالها هويتها وشخصيتها ومجدها وتؤكد للعالم بأنها جديرة بالاحترام والتقدير وأنها قادرة على الفعل متى  توفرت لها مناخات الحرية . ومنْ هذا المنطلق حاولت أن أقارب المسألة منطلقا من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وسيرة بعض الخلفاء وبعض مواقف العلماء قديما وحديثا. فلقد اكتنف مفهومَ الحرية بعضُ الملابسات جعلت البعضَ ينفي عن الإسلام دعوته إلى الحرية ويتهمه قصدا أو عن غير قصد بأنه يهدد مدنية الدولة ويمثل خطرا على الديمقراطية ،بل هناك من يعتبر الأحكام الشرعية موانع تعطّل إرادة الإنسان في ممارسة حريته. ولكن بالتأمل في مصادر التشريع وفي تاريخ الإسلام نتبيّن مدى اهتمام الإسلام بقيمة الحرية فلقد جعلها مناطا للتكليف في كثير من ا لتشريعات  ورتب عليها مسألة الجزاء والعقاب في الآخرة.

 

تعريف الحرية

الحرية: ورد في لسان العرب الحُرُّ نقيض العبد، والجمع أحرار وحرار. والحُرّ من النّاس أخيارُهم وأفاضلُهم، وحرّية العرب أشرافهم. يقال هو من  حرية قومه أي من خالصهم، والحرّ من كلّ شيء أعتقه (ابن منظور باب حرر).. وقد ورد لفظ الحرّ في القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة البقرة الآية177 :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ”، وورد لفظ “تحرير” سبع مرّات.  وقد وردت في القرآن العظيم  بلفظ الحرّ والتّحرير، وذلك بمعنى الخلوص من كل قيد، قال تعالى في سورة النّساء الآية 92:”وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا”.

 

الحرية في القرآن

الحرية هي منحة ربّانية أودعها هذا الكون، بل جعلها شرطًا لانتظامه واتّزانه وجماله، ولعلّ الصّراع منذ بدء الخليقة هو بين من يريدون استعباد الآخرين من المستكبرين والمتجبّرين وبين الضّعفاء والمظلومين الذين يسعون لاسترداد حرّيتهم المسلوبة أو يحلمون بمن يخلّصهم من هذه العبوديّة. فكان الإسلام  خير من دعا إلى الحرّية والتّحرر، فجاء من أجل إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد ،ولذا كان من الطّبيعي أن يجعل الإسلام هذه الحقيقة أساسًا مرجعيًّا في تشريعاته، قال الله تعالى في سورة الأعراف الآية157: “ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ”. وقد جعل الله عزّ وجلّ الإيمان به سبيلاً للتّحرر والانفكاك عن الظلم والاستبداد والتأله، ومن ثم فليس مستغرباً أن تنحصر مهمة الأنبياء في العمل على تثبيت هذه الحقيقة وتجْليتها وتمثّلها في الواقع، ولذلك كانت أول دعوة نادى بها الإسلام هي دعوة التّوحيد ومحاربة العبوديّة  بكلّ أشكالها.

 

وقد لخّص ربعيّ بن عامر رضي الله عنه الغاية من الرّسالة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم لما سأله رستم عن سبب مجيء المسلمين إلى الفرس  فقال :”الله ابتعثنا لنُخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله …” ( ابن كثير، ص. 39) ذلك أنّ “عبودية الإنسان  تعطي خير العبد لسيّده و عبودية الإنسان لله تعطي خير المعبود للعابد “.( الشعراوي، ص. 4549).

 

وجعل الله عزّ وجلّ  تحرير الرّقبة من وسائل التّكفير عن اليمين أو عن قتل النّفس خطأً أو كفّارة الصّيام أو النّذر أو الايلاء ( والإيلاء: حلف الزوج المسلم المكلف بما يدل على ترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر) أو الظّهار ( الظّهار: أن يقول الزّوج لزوجته أنت حرام عليّ كظهر أمّي)،وجعل تحرير العبيد قربةً إلى الله، فعن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”من أعتق رقبةً مؤمنةً أعتق الله بكلّ عضو منها إربا منه من النّار”..( أخرجه البخاري ومسلم)، فدلالة تحرير الرّقبة هي إطلاق حرّية الإنسان وفكّ قيوده المقيد بها، يقول محمد علي الصّابوني في تفسيره :” فكّ رقبةٍ” أي هي عتق الرّقبة في سبيل الله وتخليص صاحبها من الأسر والرقّ، فمن أعتق رقبةً كانت له فداء  من النّار”..( الصابوني، ص.535). وجاء تحرير الرّقبة في السورة قبل الإطعام لما لحرّية الإنسان من أهمية تتمثل في إطلاق قدراته، فيمكن أن يطعم الحر  نفسه ولكن المحبوس والمسجون والمستعبد لا يستطيع أن يطعم نفسه. يقول عبد المجيد النّجار: “إنّ الإيمان قد أُنيط في الدّين بإرادة حرّة يتحمل بها الإنسان مسؤولية الاختيار. فأصبح الإيمان بتلك الحرية جزءً من المعتقد، إذ لا يتم الإيمان الأوفى إلاّ بها على قاعدة: إنّ ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب ” ( النّجار، ص. 171).

 

وقد ظهرت عناية القرآن بالحرية في كثير من الآيات مثل قوله تعالى في سورة الغاشية الآية 21 و22: “فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ”. وفي سورة المائدة الآية 99: “مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ”، وفي سورة يونس الآية 99: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ”، وفي سورة البقرة الآية 256: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ… “، وقوله في سورة الكهف الآية 29: “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”، وفي سورة ق الآية 45:”وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ “.

 

وهكذا فإنّ الحرّية أصل من أصول الدّين عظيم إذ يقول محمد عمارة ” فالحرّية في النّظرة الإسلامية ضرورة من الضّرورات الإنسانية وفريضة إلهيّة وتكليف شرعي واجب، وليست مجرّد حق من الحقوق يجوز لصاحبها أن يتنازل عنها إن هو أراد (عمارة، ص.91).  والحرية قيمة أساسية ترتبت عليها مسؤولية  الإنسان عن أفعاله، فمفهوم الجزاء والعقاب مرتبط بالفعل الحرّ،فلو كان الإنسان مسيّرًا لبطل معنى الجزاء والعقاب والجنّة والنار. .فالملائكة مطيعة لربها لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يِؤمرون  ،ولكن الإنسان تُرك حرا له أن يختار بما ميزه الله به من عقل، والعقل مناط التكليف وبه يعرف الحق من الباطل ،والصحيح من الخطأ، والصالح من الطالح مسترشدا بتوجيهات الوحي ومعْملا تفكيره بكل حرية في ما سيختاره،  يقول محمد علي الصّلابي في كتابه “فالمتدبر لآيات القرآن الكريم يتضح له أن القرآن جاء دعوة للناس ليتدبّروا ويعقلوا ويفقهوا ويتبصروا ويفكرّوا، فهو دعوة لإعمال العقل والفكر بكامل الحرّية دون حجر أو جمود وفي ذلك يقول تعالى: “قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآْيَاتِ لَعلَّكُم  تَعِقلُونَ” (الحديد، آية 17، وقوله تعالى: “قَدْ َفَّصلْنَا الآيَاتِ ِلَقوْم  َيْفقَهُونَ” (الأنعام، الآية  98) ـ  وقال تعالى: ” أَفلاَ يَتَدَبَّرُونَ اْلقُرآنَ أَم  َعلَى ُقلُوب  أَقفَالُهَا” (محمد، الآية  24).

 

والدّعوة إلى التّفكر في الآفاق والأنفس للوصول إلى اليقين ومعرفة الحق واضحة في كتاب الله العزيز  ( الصّلابي، ص. 4) ، فإذا استقام الإنسان على أمر الله  واختار منهج الله عن اختيار وحرية استحقّ أن يكون أعلى مرتبة من الملائكة. وقد ورد في الحديث أن الله يباهي ببعض عباده  الملائكةَ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنَّ به علينا، قال: آلله! ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله! ما أجلسنا إلا ذاك. قال: أما إنّي لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني؛ أن الله عزَّ وجلَّ يباهي بكم الملائكة” ( رواه مسلم ).

 

وقد سخر الله عز وجل الكون للإنسان المؤمن والكافر على حد سواء، وجعله متزنا ومنتظما وجميلا ومذلّلا بأمره. ولا تكتمل الحياة وتصير جميلة إلا إذا شاعت الحرية بين الناس وانتهى الظلم بينهم، ولتحقيق ذلك حرَّم الإسلام كل ما يؤدي إلى التّعدي على حرية الإنسان مثل قتل النّفس بغير حق، وحرم الاعتداء على الكرامة والشرف والعرض كالغيبة والنّميمة وتتبع العورات والسّخرية والاستهزاء. فسورة “الحجرات” جمعت ذلك كلّه من تحريم التّقاتل والسخرية واللمز والتّنابز وسوء الظّن والغيبة والتّجسس…، بل إنّ الإسلام سنّ العقوبات ضد هذا الاعتداء حفاظًا على حرية الإنسان. وجعل حدودًا وتوعّد من يتعداها بالعقاب حتى لا يظلم الناس بعضهم بعضًا ولا يتعدى أحد على حرية أحد.

 

وحفظ الإسلام كذلك الحرية الاقتصادية فترك للإنسان حرية اختيار نوع الملكية ولم يلزمه بنظام معين، بل وضع له قوانين اقتصادية وأحكاما مالية شرعية تحمي أمواله وأموال غيره قال تعالى :”ولا تأكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُمْ بالبَاطِلِ وتُدْلُوا بِهَا إلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا …..” (البقرة، الآية 188)، وهي أحكام تضمن له حريته الاقتصادية وتبعا لذلك تضمن له أيضا حريته السياسية والاجتماعية،  وفي ذلك يقول يوسف القرضاوي  “فلا ضمان ولا بقاء لحرّية الإنسان السّياسية والاجتماعية إذا فقد حرّيته الاقتصاديّة ”  (القرضاوي،  227).  فالاقتصاد اليوم في يد القوى العظمى سلاح ضدّ الدّول الفقيرة وخاصة الدّول التي تمتلك القمح، ما يعبر عنه بالسّلاح الأخضر إذ يوظّف للهيمنة والسّيطرة والابتزاز السياسي. ولذلك أراد الإسلام  بهذه القوانين الاقتصاديّة رفع الظّلم والهيمنة عن المستضعفين أفرادًا ودولاً . فإرادة الدّول اليوم رهينة موقعها الاقتصادي والعسكري وقوتها المادّية.

 

حدود الحرّية ومجالاتها في منظور الإسلام

والحريّة في الإسلام ليست مطلقةً بل هي محدودة بحدود الشرع، وكل أفعال الإنسان وأقواله محكومة  بقاعدة عامّة في القرآن هي افعل، ولا تفعل ، فالبصر له حدود ، وكذلك رفع الصّوت، قال الله تعالى في سورة النّور، الآية 30: “قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ”، وقال في سورة لقمان الآية 19: “وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ”، فليس في الإسلام كبت ولا حرمان بل قوانين وحدود تحمي الإنسان وتحقق سلامته وسلامة غيره والمحيط الذي يعيش فيه، وتحقّق سعادته في الدّنيا ونجاته في الآخرة.

 

فالعلامة التي توضع تنبيها من خطر الألغام تمنعك من المرور بهذا الحقل فتستجيب شاكرًا لمن وضع ذلك فحماك من الموت، فأنت لا ترى في هذا المنع حرمانًا. وكذلك الشأن إذا منعك الطّبيب من تناول بعض الأطعمة، أو ما نعيشه اليوم من إجراءات الحجر الصحّي التي فرضت علينا عدم الخروج والبقاء في بيوتنا لمواجهة وباء كورونا (Covid 19 ) الذي حصد آلاف الأرواح (هذا الوباء ظهر بالصّين في نهاية ديسمبر من عام 2019 ثم انتشر في العالم كله). فحرية الإنسان ليست مطلقةً بل هي محدودة بحدود الشّريعة وحرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حدود الله، أما في التّشريعات المدنية وخاصة الغربية فهي قائمة على المصلحة و محدودة بحدود القانون وتنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.

 

والحرية  شاملة لكلّ المجالات؛ المعتقد والفكر والتّعبير والفن والإبداع  والبحث الأكاديمي، والعمل السّياسي والعمل النقابي والحريات الشخصية .فإذا مارسنا حريتنا نستطيع حينها أن نعبر عن آرائنا ومواقفنا وعن إرادتنا الحرّة الدافعة للعمل والإنجاز. يقول محمد الطاهر بن عاشور :”إنّ الحرية خاطر غريزي في النّفوس البشرية فيها نماء القوى الإنسانيّة من تفكير وقول وعمل، وبها تنطلق المواهب العقليّة متسابقة في ميادين الابتكار والتّدقيق، فلا يحق أن يسأم بقيد إلا قيدا يُدفع به عن صاحبها ضر ثابت أو يُجْلب به نفع ”  (ابن عاشور، ص. 163).

 

الحرية عند بعض المفكرين والعلماء

وقد تناول موضوع الحرّية بالدّرس عدة مفكّرين وعلماء أمثال محمد الطاهر بن عاشور، ومحمد الخضر حسين وعبد العزيز الثّعالبي ومالك بن نبي  ويوسف القرضاوي ومحمد أبو القاسم حاج حمد وحسن بن أحمد الخطّاف وحسن الصفار ومحمد عمارة وعلي عبد الواحد وافي، وعبد المجيد النّجار، وعلي محمد الصّلابي وعباس محمود العقاد وغيرهم كثير، ممّا يدلّ على أهمّية الحرّية في حياة النّاس والمجتمعات.

وقد اعتبر محمد الطّاهر بن عاشور الحرّية  أصلاً من أصول الشريعة فقال في كتابه مقاصد الشريعة:  “ولولا أن من أصول الشّريعة حرّية الاعتقاد ما كان عقاب الزّنديق الذي يُسرّ الكفر ويظهر الإيمان غير مقبولة فيه التّوبة إذ لا عذر له فيه” (ابن عاشور، ص. 233).   وقال: “إنّ استواء أفراد الأمة في تصرفهم في أنفسهم مقصد أصليّ من مقاصد الشّريعة وذلك هو المراد بالحرّية” (ابن عاشور، ص. 227) ، وقال في موضع آخر من الكتاب نفسه متحدّثا عن مقاصد الشّريعة :”…على أنّ من أهم مقاصدها إبطال العبودية وتعميم الحرّية” (ابن عاشور، ص. 229).

 

وللحرّية ارتباط أكيد بمسألة التّنمية والتّطور والتقدم الحضاري والرفاه الاجتماعي. وقد أشار الكاتب أبو القاسم حاج حمد إلى نقطة مهمّة، وهي التي يجب أن تشغل بال جميع المفكرين بل وكلّ المسلمين، وهي: لماذا طاقاتنا الإبداعية والمعرفية معطّلة؟ ولماذا تقدم غيرنا وتخلفنا مع أنّنا ندعي امتلاك الكتاب العالمي الخالد والمخلص للبشرية، وهو الكتاب المهيمن على كل الكتب السّابقة؟ ويعزو حاج حمد ذلك إلى انعدام الحرية يقول: “قد وُجد الإسلام ليعْبر بالبشريّة من الماضي إلى حاضر متجدّد ليستوعب الزّمان وليتداخل مع مقومات التّطور والنمو المستقبلية…غير أن الكبت والقمع حالا دون ذلك، فانعدام الحرّية هو السبب في عدم تواصل الإسلام مع تطور البشريّة وقيم التّجدد والحرية” (حاج حمد، ص. 94).

 

فالحرّية لها تأثير بالغ في نفوس النّاس وذلك من خلال إطلاق المواهب والقدرات وتوفر المجال الأنسب  والظروف المساعدة على الإبداع والاختراع، إذ يقول في ذلك سلطان عبد الرحمان العميري: “وإذا كانت عمارة الأرض تتبوأ مكانة عالية في الإسلام، وإذا كان الإنسان مأمورًا بعمارة الأرض واستثمار تسخير الله لها فإن من ضرورات ذلك إطلاق حرّية الإنسان وفتح الأبواب لها لأنّ ذلك من أقوى ما يساعد على الحفاظ على ذلك المقصد ويؤدي إلى نموه وارتقائه”. (العميري، ص. 127)، فالحرّية هي الفضاء الرحب الذي يمكّن المسلم من أن يعيش في أمن وسلام  فيتمكّن بذلك من أداء رسالته في هذا الوجود ويقوم بمهمة الاستخلاف التي كُلّف بها، يقول في ذلك  محمد الخضر حسين: “الحرّية هو أن تعيش الأمّة عيشةً راضيةً تحت ظل ثابت من الأمن على قرار مكين من الاطمئنان”.  (الخضر حسين، ص. 16).

 

وقد فُرض الجهاد في الإسلام من أجل فسح المجال لانتشار دعوة الحقّ والتّصدي لكلّ من يمنع النّاس من أن يؤمنوا بما يرونه حقًّا دون إكراه، يقول المستشرق توماس أرنولد: “إنّ القوة لم تكن عاملاً حاسمًا في تحويل النّاس إلى الإسلام، فمحمد نفسه أخذ على عاتقه حمايتهم ومنحهم الحرّية في إقامة شعائرهم الدّينية كما أتاح لرجال الكنيسة أن ينعموا بحقوقهم ونفوذهم القديم ” (العميري، ص. 254 ).

 

ويقول عبد الودود شلبي :”لو كان السّيف هو وسيلة  المسلمين في إكراه غيرهم لاعتناق هذا الدّين لما بقي مسيحي واحد يعيش في مختلف أقطار الشّرق ”  (شلبي، ص. 71). ويقول الصلابي في كتابه الحريات في القٍرآن الكريم: “، فكان من أعظم مقاصد الجهاد حماية حرية المعتقدات والتعدد الديني ومنع الإكراه، قال تعالى في سورة الحج الآية 40 :” الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”  ( الصلابي، ص. 82 ).

 

فالحرّية تجعل الفرد يقبل على الأمر وهو ممتلئ بالإرادة للقيام به دون إكراه من أحد. وقد عانت بعض المجتمعات من الظلم والاستبداد والتّسلط، وخاضت بعض المجتمعات معركة الحرّية وطُرحَتْ مسألةُ الدّيمقراطية كنظام للحكم والفصل بين المختلفين وباعتبارها النّموذج الأسلم للخروج من مسألة الاستبداد. وقد ناضلت  عدة أحزاب إسلامية ويسارية وقومية من أجل الحرية وطالبت بحقها في المشاركة في الحياة السّياسية، وتواصل الصراع السياسي حول الحرية وسجن الكثير من أجل ذلك.

 

وكانت لهذه المعركة تبعات وخيمة خاصة على المجتمعات العربية والإسلامية مازالت تعاني نتائجها وآثارها إلى اليوم، فكان ذلك سببا من أسباب التّخلف الحضاري في مختلف المجالات. ولقد خسرت الدول النامية كفاءات علمية كثيرة بسبب نزيف هجرة الأدمغة نحو الغرب هربا من الاستبداد والتضييق على البحوث الأكاديمية، إضافة إلى عدم توفر الظّروف العلمية المناسبة التي تشجع على تحقيق النجاحات، وهذا بدوره أثّر على مستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي والصحّي لهذه البلدان، يقول مهدي المنجرة: “وأهمّ أسباب هجرة المواطنين ذوي الكفاءات العالية بالدّول النامية هي الحواجز المفروضة على الحرّية الأكاديمية” (المنجرة، ص. 98).

 

 نماذج من تطبيقات الحرّية في الإسلام

وإذا نظرنا في تاريخ الإسلام نجده حافلاً بمظاهر عديدة من مظاهر الحرية، وكان أول تجلياتها في مجال السّياسة والحكم لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم  لبشر بن سفيان عند خروجهم إلى الحديبية: “يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائر النّاس، فإن أصابوني كان الذي أرادوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وهم وافرون ”  (الحكمي، ص. 1).

 

وقد أدرك كفّار قريش هذا الأمر وعرفوا أنّه لو ترك هذا الدّين لانتشر بين النّاس، فناصبوه العداء ونكّلوا بمن اتبع الإسلام وسلكوا مسلك التّلبيس ومنع النّاس من الاستماع إلى القرآن ،فكانوا إذا قرأ عبدالله بن مسعود رضي الله عنه القرآن عند الكعبة يصفقون ويصيحون حتّى لا يسمع أحد ما كان يقرأ، وكذلك يفعل كثير من أعداء الإسلام اليوم فيظهرونه على أنّه دين يعادي حرّية الإنسان وخاصة حرية المرأة، ويُلبّسون على النّاس الحقائق ويلصقون بالإسلام ما رسخ من عادات وتقاليد بالية لا تمتّ إلى الدّين  بصلة. ومن أمثلة ذلك لمّا ولي أبو بكر الخلافة: “يقول أمّا بعد، فقد وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني على باطل فسدّدوني وأطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم ”  (وافي، ص. 105).

 

وفي خطبة نقلت عن عمر بعد توليه الخلافة قال: “إذا رأيتم فيَّ اعوجاجاً فقوموني, فقام رجل وقال لعمر: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا ,فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يقوّم عمر بسيفة”  (المصدر السابق، ص. 106).

 

وقد سابق رجلٌ ابنَ عمرو بن العاص فسبقه فضربه بالسّوط فشكاه إلى عمر بن الخطاب، فاستدعى أميرُ المؤمنين ابنَ عمرو بن العاص ومعه أبوه، وكان واليًا على مصر ليقتص منهما، وأمر ابنُ الخطاب  الرّجلَ المصري بأن يضرب ابنَ عمرو بن العاص بالسّوط كما ضربه  وقال لأبيه “مُذْ كَمْ تعبّدتم النّاسَ وقد ولدتهم أمّهاتُهم أحْرارًا”   (الهندي، ص 660).

 

وفي مجال حرّية التّفكير والإيمان بالتّنوع المذهبي نذكر موقف الإمام مالك  رضي الله عنه حينما قال له الخليفة أبو جعفر المنصور: “إني عزمت أن أكتب كتبك نسخًا ثم أبعث إلى كلّ مصر من الأمصار نسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها ولا يتعدّوها إلى غيرها، فقال الإمام لا تفعل يا أمير المِؤمنين فإن النّاس قد سبقت لهم أقاويل وسمعوا أحاديث …فدع النّاس وما هم عليه”  (ابن عاشور، ص. 234).

 

حرية المـــــرأة

مثلت المرأة عبر التاريخ موضوع نقاش وجدل حول دورها ومكانتها الحضارية واستمر هذا الجدل عقودًا بين مختلف النّخب، وكان مدار خلاف بين المثقفين من مختلف الاتجاهات الفكريّة والأيديولوجية والدّينية إلى يومنا هذا فنادوا جميعا بتحرير المرأة من القيود التي كبلت طاقاتها وقلصت من دورها الحضاري مثل قاسم أمين والطّاهر الحدّاد وهدى شعراوي وجمال البنّا ومحمد عبده ولطفي السّيد …وألصق الكثير منهم تخلف وضع المرأة بالإسلام  ولم يفرقوا بين ما فرضته السياقات التاريخية والعادات والتقاليد والأعراف وبين النظرة الحقيقية التي يوليها الإسلام للمرأة .

 

ولم يتم تناول المسألة في إطار حرّية الإنسان رجلاً وامرأة على حد سواء، بل نُظر إلى المسألة من جانب حرية المرأة فقط. والله عز وجل لم يفرق بين الرجل والمرأة في تحمل المسؤوليات ولا في التكاليف الشرعية فخاطب الجميع بخطاب واحد وجعل ميزان التفريق بينهما هو التقوى فقال في سورة الحجرات الآية 13: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “، وجعل العلاقة بين المرأة والرجل قائمة على التعاون والتكامل لا على التناقض والتصادم، فكلاهما حرّ ومسؤول عن نتائج أعماله، يقول تعالى في سورة المدثر ا لآية 38: ” كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ “.

 

وقد تناول ميخائيل نعيمة هذه المسألة بطريقة مختلفة ناقدًا كلّ الذين خاضوا في هذا الموضوع واعتبرهم مُجانبين للصواب فتحدث عن حرية الرّجل والمرأة معًا وربط بين حرية كليهما فقال : “لو  كان الرّجل حرًّا لما احتاجت المرأة إلى مطالبته بحريتها لأن الحرّ لا يستأثر بحرّية أحد، والذي اهتدى إلى الحرّية لا يبقى له من شاغل إلا هدي الغير إليها” ( نعيمة،  82).

 

فالحرية هي المجال الذي تنتعش فيه دعوة الإسلام وتنتشر، ولا يفسد على المسلم حركةَ حياته إلا الاستبدادُ وانعدامُ الحرية، فحركة الوجود كلّها منسجمة متساندة غير متعارضةٍ مما يشعر الإنسان بجمال الحياة وجمال الوجود. وترتقي الحرية إلى مرتبة الواجب الشّرعي والضّرورة الإنسانية، فلا يجوز لأحدٍ أن يفرّط فيها أو أن يقبل أيّ وصاية أو تسلط، بل الواجب الدّفاع عن حرّية الإنسان وحرّية الشّعوب ومناصرة قضايا التّحرر وأولها القضية الفلسطينية، يقول راشد الغنوشي :”فالحرّية في الإسلام ليست فحسب حقّ الإنسان، بل هي واجبة  عليه ومنحة الله الكبرى له وإحدى المقوّمات الجوهريّة لتكريمه والأمانة التي  ناءت بحملها السّماوات والأرض”.( راشد الغنوشي، ص. 38).

 

والحرية شاملة لكلّ المجالات؛ المعتقد والفكر والتّعبير والفن والإبداع والعمل السّياسي والعمل النقابي والحريات الشخصية .فإذا مارسنا حريتنا نستطيع حينها أن نعبر عن آرائنا ومواقفنا وعن إرادتنا الحرّة الدافعة للعمل والإنجاز. قال محمد الطاهر بن عاشور في كتابه “أصول النظام الاجتماعي في الاسلام”  :”إنّ الحرية خاطر غريزي في النّفوس البشرية فيها نماء القوى الإنسانية من تفكير وقول وعمل، وبها تنطلق المواهب العقليّة متسابقة في ميادين الابتكار والتّدقيق، فلا يحق أن يسأم بقيد إلا قيدا يُدفع به عن صاحبها ضر ثابت أو يُجْلب به نفع”  ( ابن عاشور، ص. 163).

 

الخاتمة

وممّا تقدم نستنتج أنّ الحرّية مبدأ هام من مبادئ الإسلام تنتظم وفقها حركة الإنسان في الحياة. وهي شاملةٌ لجميع المجالات ومنضبطة بضوابط الشّريعة بما يحقق سلامة الإنسان ويحفظ حياته من الاختلال والفوضى والاستبداد. والحرّية كذلك مرتبطة بالمسؤولية، وقد وهب الله عز وجل الحرّية للإنسان ورتّب عليها الجزاء والعقاب في الآخرة، وأمّا في الحياة الدنيا فالحرّية أساس من أسس التّقدم والنماء فهي تفجر الطّاقات وتدفع نحو الإبداع والابتكار. ونحن نأمل أن  تكون الحرية ما بعد الثورات العربية دافعًا للبناء والتعمير والتقدم والتّطور في مختلف المجالات، من خلالها يسترجع الإنسان دوره الحضاري الفعال والايجابي ويثبّت وجوده ويبرهن على قدراته.

 

المصــــــادر:

  • القرآن الكريم.
  • كتب السّنة وشروحها
  • ابن كثير الدمشقي إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، الجزء السابع، مكتبة المعارف، بيروت، 1990م.
  • ابن منظور، لسان العرب ،ط 1 ،دار صادر، بيروت 1300ه
  • أبو القاسم الشابي، أغاني الحياة ، ط 2 ،الدّار التّونسية للنشر، تونس،1970.

 

المراجـــــــع:

  • ابن حسام الدّين الهندي، علاء الدين علي، منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، طبع بهامش مسند الإمام أحمد، مؤسسة الرّسالة، ط 5، بيروت 1981م.
  • ابن عاشور محمد الطاهر، أصول النّظام الاجتماعي في الإسلام، ط 2، الشّركة التونسية للتوزيع، تونس 1985م.
  • ابن عاشور، محمد الطاهر، مقاصد الشّريعة الإسلامية، ط1، دار الكتاب اللبناني،  بيروت، 2011م.
  • حافظ بن محمد عبد الله الحكمي، مرويات غزوة الحديبية، مطابع الجامعة الإسلامية، المدينة المنوّرة، العربية السّعودية 1406 ه.
  • راشد الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية، الفصل الثاني، دار المجتهد للنشر والتوزيع، تونس 2011م.
  • سلطان بن عبد الرّحمان العميري، فضاءات الحرية، ط 2، المركز العربي للدراسات الإنسانية القاهرة 2013 م.
  • عبد المجيد النجار، مراجعات في الفكر الإسلامي، ط 1، دار الغرب الإسلامي، تونس 2008م.
  • عبد المجيد النّجار، مقاصد الشريعة بأبعاد جديدة، دار الغرب الإسلامي، تونس 2012 م.
  • عبد الواحد وافي ، الحرية في الإسلام    ، دار المعارف ،مصر، 1968م
  • عبد الودود شلبي، قضايا إسلامية معاصرة: هل انتشر الإسلام بالسيف؟ ،ط 1، دار الفتح للإعلام العربي، مطبعة الاتحاد، القاهرة 2005م.
  • علي محمد الصلابي، الحريات من القرآن الكريم، ط 1، دار ابن حزم ، بيروت 2013م.
  • محمد أبو القاسم حاج حمد، حرية الإنسان في الإسلام، ط 1، الفصل الثالث، دار الساقي، بيروت، لبنان 2012م.
  • محمد الخضر حسين، الحرية في الإسلام، دار الاعتصام ،القاهرة  1324هـ/   1900م.
  • محمد علي الصابوني ،صفوة التفاسير ،ج 2 ، دار ومكتبة الهلال ،بيروت،2002 م
  • محمد عمارة، مفهوم الحرية في مذاهب المسلمين، ط 1، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة 2009.
  • محمد متولي الشعراوي، خواطري في تفسير القرآن الكريم، المجلد الثامن، مطابع دار أخبار اليوم، تفسير سورة الأعراف، مجمع البحوث الإسلامية ،مصر 1991م.
  • مهدي المنجرة، قيمة القيم، ط 2 المركز الثّقافي العربي، الرباط 2007م.
  • ميخائيل نعيمة، زاد المعاد، ط 6، مؤسسة نوفل، بيروت 1985م.
  • يوسف القرضاوي، دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي، ط 1 ، مكتبة وهبة، القاهرة 1995م.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

1 فكرة عن “الحــرّية في الإســلام”

  1. المقال في غاية الثراء… تناول المسألة من جميع جوانبها … وقام على قرائن موثقة من مراجع ومصادر ثرية ومختلفة أكسبت المقال قيمة علمية مرموقة … ولكني وددت لو: – تنجنبت الحديث عن حربة المرأة لأن الإسلام لم يميز بين الذكر والأنثى في مسألة الحريات. كما أن مسألة المساواة مسألة وهمية… لأن الإسلام قام على فكرة العدل. يعنى الإسلام براء من تلك الخزعبلات القائلة بأنه ( اقصد الإسلام) حدّ من حرية المرأة وإنما استعمل هذه الفكرة اعداء الإسلام لضرب الإسلام والمسلمين … لذلك ارى ضرورة تجنب الوقوع في مثل هذه الردود … لأن ذلك يلهينا عن الخوض في مساىل جوهرية … وهذا ما يردون: هو ان يبتعد المسلمون عن الأصول ويهتموا بالقشور ( مختصر القول ان الاسلام قام على فكر العدل ولا فرق عنده بين العربي والاعجمي ولا بين الرجل والمراة الا بالتقوى …)
    – كان من الممكن التعمق في الربط بين العقل والحرية. لأن الانسان الحر هو الانسان العاقل ( صاحب العقل) . ولا يكون الكائن حرا الا متى امتلك العقل . لهذا لانتحدث عن حربة الحيوانات والكائنات الأخرى. وهي فكرة عميقة اشرت اليها عند تعريف الحرية بقولك:” الحر من الناس أخيارهم وأفاضلهم … وحرية العرب أشرافهم” كان نقول رجل حر أي ضد العبد المملوك . ورجل حر أي أصيل ذو مكانة مرموقة. بمعنى آخر صاحب عقل.. ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.. فهذه الفكرة العميقة تنبهت اليها وانا أقرأ مقالك …فذكرني ذلك بقولِ التوحيدي بما معناه… انما كان الانسان انسانا بالعقل … ولكن عقل الانسان جزئي يستلهم من العقل الكلي وهو عقل الله، علمه ومادته وفكره. وكلما تعمق هذا العقل الجزئي في العقل الكلي ازداد حرية وعلما وابمانا … بمعنى ان الانسان كلما ازداد عقلا ازداد حرية؛ وكلما ازداد حرية تعمق الإيمان العقلي لديه. ———^ شكرا على هذا المقال الثريّ ———^

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet