حديــثُ الغــريب

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

بقلم: أ. الصّحبــي الماجري 

 

تبدأ الحكاية ذات مساء في مدينة غريبة، سكانها كّلهم غرباء، إلا امرأة عجوز، مازالت تحمل بعض الجمال من الزّمن الماضي. زمن الجنّ والخوارق. كل ليلة عندما يسكن النهار، تبدأ العجوز في حكايا الليل. يجتمع الغرباءُ حول العجوز، فتبدأ الحكاية، حكايتي. قالت العجوز: حدثني أبو الهول قال: كان كبير الغرباء يسكن الحيّ الجنوبي من المدينة. وكانت كل النّساء يزرنه كلما جن النّهار بحثًا عن الرّجل المنشود. ولم يكن النّساء يعلمن أنه المفقود. وكان كبيرنا يُسعد الجميع إلا نفسه. فقد أحب لها العذاب.

 

كان يغازل النّساء ويضاحكهنّ ونفسه باكية. تبكي زمن المحبة الغريبة، غربة كبيرنا. فكأنّه هو الغريب لا المحبة، إنّه الحبّ. أذكر ذات يوم، وهو في قمة انتشائه والجميع يرقص من حوله طربًا، إذ التفت نحونا فجأة وعيناه تلمع بنور يبهر القُلوب قبل الأنفس. وقال: أيها العشاق استمعوا لصوت الحقّ ينطق بالحكمة: دنياكم سراب، آمالكم غربة، والغنيّ فيكم فقير، والفقير فيكم غنيّ. والنّفس آهلة بالجسد غريبة دونه. القلب نور، فأنصتوا لنوره. ما الحياة بلا قلب، إلا كالجسد بلا روح.

 

وفجأة قام كبير الغرباء صارخًا: لقد جنّ الليل وتعقل النهار، إني على سفر والقلب سكون. يا لجسدي الغريب في ليل الغرباء، سأحمله وأمضي بعيدًا باحثًا عن سر الوجود، وجودي، كأنّني السراب. وأنتم صورتي فلتسكنوا الصور كما سكن الذين من قبلكم. لعلكم تغرُبون … وحمل جسده تاركًا المدينة للخيال. ورأى أبو الهول نور الخيال، خيال الغريب، فمضى خلف الخيال. وخلفه العجوز ترقص رقصة الموت الأخير. فإذا الموت انبعاث، وإذا الحياة اندثار. والجميع يصرخ أيّتها العجوز أين حكمتك؟ قالت: وللحكمة طريق؟ إنه مسكون بالسّراب، ومضت خلف الخيال.وخلف صدى الخيال سمع المريدون صوت الغريب يترنّم قائلاً:

أنظر للبحر بعينيك

أراه لؤلؤًا أحمر،

كوردة الحب الجميلة،

فأحمل البحر بقلبي

وأهديه إليك

*****************

حين تلامس قدماك

شاطئ البحر المذهّب

يداعبها الماء عشقًا

يملأ القلب شوقًا إليك،

فأجعل القلب سحابًا

وأرسله إليك هدية

ليمطر حبًّا

*****************

ما أجمل الرّيح

حين يغازل خصلات…

شعرك الجميــل،

ما أطيــب الــرّيح…

حين يداعب شعرك بالطيب

ما أمسك الريح

حين يمسّك القلب

بمسك قلبك الماسك،

ما أروع الــرّيح

حين أمسكه بقلبي

وأهديه إليك

************

ما أروع الدّنيا

حين أسكنها بقلب

أنت مثواه … الأخير

ما أروع الأرض

حين تكونين … أنت البحر

وقلبي شاطئ المدّ

***************

مازلت أبحث عنك

بين أصداف البحار

لؤلؤة أعلقها … صدري

تعدّل دقات قلبي

على دقات قلبك.

 

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet