سفينـة الحيــاة

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

بقلــم: نبيل الصالحي

 

الموت حقّ وألم الفراق حقّ، والحزن حقّ، والدمعة حقّ، والإيمان بقضاء الله وقدره أيضا حقّ، ولكن لا تنسَ أيضا أن الحياة حقّ…

كلما أحسست بالألم تذكرت أنني مسلم، والمسلم حتى وإن أصابته مصيبة وأحس بالحزن والألم لا يقول إلا ما يرضي ربه، ولا يقول إلا الحق، ولا يخضع لليأس، ولا يخنع للإحباط ولا يركع للألم.

 

نحن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لذلك نقف بكل شجاعة من أجل دفع الألم عن الجسد وحتى في الحمّى أحيانا شفاء للجسد.

 

عندما رحل بعض الأحبّة أحسست بالألم، وكلكم أحسستم بما أحسسته من ألم، لأننا جسد واحد، دم واحد، قلب واحد. وتتالت الجروح، ألم يتبعه ألم، وجرح يتبعه جرح، وبعد كل ألم أدخل مقبرة الفيلة لأضمد جراحي وأسكّن آلامي رغم معرفتي بأن هناك جروح لن تلتئم.

 

وبعد كل ألم أبتسم، وكلي ثقة في الله وأمل في الله أن ما أراد لنا الله إلا الخير، ففي الحياة حكمة وفي الرحيل إلى حياة ما بعد الحياة حكمة، ومن حرقة إلى حرقة تعودت على الجروح، تعايشت مع الألم، تعايشت مع لعبة الموت والحياة.

 

تعلمت أن الحياة حلو ومرّ، ولادة ورحيل، ليل ونهار، شروق وغروب، هي ببساطة تشبه قاعة الامتحان، مشكل صعب ومشكل سهل، مسألة تجعلنا نحس بالأمل ومسألة تجعلنا نحس بالإحباط، خليط ومزيج بين الخطأ والصواب.

 

ونحن في قاعة الامتحان نشاهد أحد الإخوة والأحبّة يسلم ورقته ويغادر القاعة فنسترق النظر إلى الساعة ونواصل الامتحان، ويتواصل المشهد من جديد، ويخرج الواحد تلو الآخر، وإلى آخر الدقائق وآخر النبضات نواصل حربنا بشجاعة.

 

من سبقونا في انتظارنا خارج القاعة، ولن يُفرحهم أن نفشل في امتحان الحياة فإن فشلنا لن نرتقي معهم إلى عالم أنقى وأجمل بل سنزيد من آلامهم وسنزيد على آلامنا آلاما لا شفاء منها ولا دواء لها.

 

يجب أن لا نسلم الورقة بيضاء بسبب اليأس أو نفشل في الامتحان بسبب الإحباط، ربما لا نملك إلا مواصلة معاركنا ضد صعوبات الحياة وجني النقاط الإيجابية والحسنات من هنا وهناك وشطب السيئات قدر الإمكان، وتنظيف الورقة وتنقيتها من الأخطاء قدر الإمكان، وربما لن يسلم أحدنا من الأخطاء فلكل منا أخطاء.

 

لكل بداية نهاية، نهاية حياة وبداية حياة، خروج من قاعة امتحان الدنيا الضيقة إلى عالم أرقى وأنقى وجنة واسعة إن شاء الله مع كل من نحب وتحت نور من نحب.

 

أرجوك اصبر وتحمل الألم، واجه الصعاب والمتاعب بابتسامة، قاوم، قاتل بشجاعة وبسالة، وحتى النهاية لا تهرب من ساحة معارك الحياة، فالشجاع لا يهرب ولا يخضع لليأس ولا يخنع للإحباط ولا يركع للألم حتى وإن كُسر جناحه وكثرت جروحه و اشتد الألم.

 

نعم، ربما لن يزول الألم ولكننا سنواصل الأمل فبعد الحياة حياة أخرى تتطلب المزيد من النضال والكثير من الأمل والصبر والعمل.

 

لذلك نحارب الإحباط ونقاوم اليأس حتى النهاية وحتى وإن شربنا كأس المرّ سنشربه بابتسامة كلها أمل وسنواصل البناء، سنواصل الأمل، سنواصل الحياة ونحن نبتسم.

أرجوك تمسّك بسفينة النجاة، تمسّك بسفينة الأمل، تمسّك بسفينة الحياة وحاول أن تبتسم،

أرجوك حاول أن تبتسم…

أرجوك حاول أن تبتسم من أجل من تحبّ…

أرجوك حاول أن تبتسم من أجل الحياة، ومن أجل حياة ما بعد الحياة …

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet