هـــي أم تــلــك…

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

بقلــم: منيار نواصــري

قبعت على كرسيّ من ذهب خالص وراحت تجول ببصرها إلى السّماء، إلى الطّبيعة وإلى المدينة، هي ملكة الجمال سحرت كلّ من ولج غرفتها، عينان زرقاوان يماثلان ذلك البحر الهادئ الذي يبعث في النّفس الرّاحة والطّمأنينة ويستهوي كلّ العقول. شفتان ورديّتان يشتهي كلّ شخص أن يقبّلهما، شعرٌ ذهبيّ كأنّه سنبلة اشتد لمعانُها، ينسدل على كتفي المرمر الصّقيل، بشرة ناعمة تدلّ على أنوثة ساحرةٍ.

 

هي مزيج من عطر الطّبيعة والجمال،  أما ثوبها فهو من أوراق الورد قُدّ. عالمٌ من السّعادة التي ترتاح النّفس إليه. ولكن ما السّعادة؟ ربما تكون في تلك الفاتنة التي رسمت في شكل لوحة فنية باهضة الثّمن، نجد فيها الحبّ نجد الجمال، الطبيعة، البساطة والهدوء،  فتخضع هذه النفس إلى ملجئها هي، مستقبلة كلّ من زارها بابتسامةٍ عريضةٍ وبنظرة ساحرة تفتك بالإنسان.

 

إنّها ذات الوجه الجميل!! تتقدّم الآن خطوةً خطوة، تلقي على وجهها الأنيق خمارًا، هل تكون حرجة من ضيوفها أم خائفة؟ هبّ الجميع نحوها، يتهاتفون ويتساءلون لكنّها لم تجب عن أيّ سؤال وفضّلت الصّمت الشامل،  فظنّها الجميع تتمنّع دلالاً. وحين طال الانتظار همّ الجميع بالمغادرة لكنّي دونهم اتخذتُ لنفسي مكانًا حصينًا فأنا متشوّق لرؤية جمالها.

مرّت الثّواني فالساعات، وعمّ المكان صمتٌ رهيبٌ ثم رأيت فاتنتي تجلو خمارها وترفل في حلّتها الرّائعة،  فلم أصدر حركةً لأنّني خشيت أن لا أراها كرّة ثانيةً، لكن…من هي تلك التي أراها الآن أمامي؟…انقبض قلبي وكأنّه توقّف وانتابني شعورٌ مفزع غريبٌ…ما هذه البشاعة! ما هذا الاكتئاب! إنّه الموت أمامي…أين الجمالُ؟ أين الرّشاقة والأناقة؟

 

كانت تحدّق بي بنظرات مرعبةٍ، عيناها مملوءتان بحقد مريب، شفتاها قد اسودّ لونهما واشتدّ سمكهما فهما غليظتان. شعرٌ مثل رماد الحريق، ينسدل على كتفيها المغبرين،  جسم قذر، مجعّد،. مازلت أتساءل من تكون؟ فستانها المزهر بات ريش غراب…آه ما أسوأه!! يا لها من لوحة فنيّة ساذجة! بقيت مسمّرًا مبهوتًا، وذهني لا يستوعب المشهد، ثم سمعتها تزمجر: “أسرع إليّ وإلا فات الأوان”، فوقفت أمامها وكلّي خوف وجزع…لكنّها سرعان ما تحولت إلى تلك الفاتنة الجميلة، وانبعث صوت رقيقٌ يدعوني إلى أن أموت بين أحضانها، فأغمي عليّ وحين استفقت وجدتها قربي تهمس لي:” من أنا؟ هل تعرفني؟

 

بقيت مبهوتًا لم أدرك شيئا مما تقول لكنها أضافت: “بالتأكيد لن تعرف من أنا؟ إنّني الحياة التي تعيشها، فلتدخل معي في معركة حاسمة، هيّا واجهني، فقد نزعت قناعي وها أنت الآن أمام الحياة”.

 

فجأةً عاد عقلي من رحلته واستقرّ في رأسي وبدأ يفكّــر،  يريد أن يفهم أنّ الحياة مزيج من الشرّ والخير، لكن أيّهما يسيطر؟ وأيّهما الحقيقي؟ كلّ هذا كان يدور في ذهني الصّغير. وسرعان ما سمعت صوت عصفور يزقزق في غبطةٍ وفرحٍ، إنّه صوت المنبّه وصوت أمي العزيزة توقظني من نومي لأقصد المدرسة…

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet