حـــــلــــــم…

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

بقلـم: منيار نواصــري

 

في ليلةٍ حجب الضّباب نجومها، وخامر الهول سكينتها، تراه يسير وحيدًا… تعلو زفراته بين الفينة والأخرى، تضطرم أحشاؤه بنار الحيرة…  قبع على حافّة طريق مقفرٍ مصغيًا لهمس الرّياح، محدّقًا في الفراغ، يدنو منه صديقه المنتظر، يهمس إليه سرّا ثمّ يهمّ بالرّحيل… لكن… ما السرّ؟ ربّما يكمن في….

 

إنّه أحمد… قلبه لا يكفّ عن الشّكوى والأنين،  لا يزال ناقمًا على زقاقه، على مدينته وعلى مجتمعه. يحلم بالتّرف والرّغد… لكن أيّ سبيل وطيء يحقّق وطره؟… سدّت طريق البرّ و الآفاق.

ها هو يؤمّ إلى مجثمه وقد اشتدّت به الوعثاء، أخذ يرمق السّقف المتآكل، يرمقُ العناكب التي تنسج خيوطها… تحدّثك عن الغياب… غياب أهلها…

 

يلعن أحمد المكان متوغّرا ثمّ يغادر في سكينةٍ متّجها نحو غرفة والدته. تنقطع أنفاسه شيئًا فشيئًا، يتراجع قليلاً ثمّ يلج مندفعًا، ها هي أمّه هاجعة، أثخنت الحياة روعها بالشّجن… أشرع الخزانة بهدوء ثمّ تناول مبتغاه من حليّ و مال.

يسود المكان صمتُ القبور، خطوة، خطوة نحو الميناء أو بالأحرى نحو المنون…

 

يتجمّد أحمد في مكانه وقد أحسّ بالونى، تنحبس الصّرخات في صدره، يهطل الدّمع مدرارًا، يلتفت إلى الوراء، يطيل النّظر إليه مليّـا ثمّ يندفع إلى الأمام اندفاعًا حيث يصعد الزورق الصّغير وينطلق إلى ذلك العالم النّائي، عالم مجهولٍ، يجذبك بسحر خفيّ… حلم… قد يتحقّق وقد لا يتحقّق.

فـي صبـاح اليـوم المـوالي، تسرع الأمّ لتجيـب علـى هاتـف يـرنّ ويرنّ… ولكن سرعان ما تهاوت على الغبراء…

ذهول… استفهام… وجوم…

تتعطّل اللّغة، تتهاوى كلّ الحروف لتعجز عن التّعبير عن… حــــــلــــــم تتقاذفه الأمواج.

 

 

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet