هامشيّة جهة الشّمال الغربي التّونسي بين الحتميّة الجغرافية ومسؤوليّة السياسي

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

بقلم: د. موسى غفيري

 

إن التشخيص البسيط للواقع التنموي للشّمال الغربي التّونسي اليوم يبرز بكل وضوح أنّ هذا الإقليم يسجّل أضعف المؤشرات التنموية على مستوى وطني : ارتفاعنسبالبطالة والفقروالأميّة، مقابل ضعف مستوى المجهود الصناعي والاستثمار الوطني، وهي كلها مؤشّرات كميّة ونوعيّة  دالّة على فرز حقيقيّ داخل المجال بين مناطق في حركيّة وأخرى مهمّشة.

ثم إن تواصل هذه المؤشرات على هذا النّسق الضعيف، وعلى مدى عشرات السنين دون تحسن كبير قد دفعنا للتساؤل عن الأسباب الكامنة وراء مثل وضعيّة كهذه، وذهبنا في اتجاه فرضيّة أنّ المسألة هيكليّة بالأساس متّصلة تحديدًا بالبنية الذهنيّة والثقافيّة للمجتمع المحلّي بجهة الشّمال الغربي ولدور السياسي.

 

العزلة الجغرافية لجهة الشّمال الغربي:

يتميّز الشّمال  الغربي عمومًا بقساوة ظروفه الطبيعية، فهو يمثل أعلى المناطق في البلاد لوجوده على مستوى السلسلة الجلبية (جبال خمير). ولذلك فإنه يتميّز في أغلبه بقلة السهول وكثرة المرتفعات التي تعيق الاستقرار عمومًا وعملية التنقل بين المناطق. كما أنّه يسجل أدنى درجات الحرارة خاصة في فصل الشتاء فتنزل فيه الثّلوج، هذا على الرغم من أهمية التساقطات التي تمثّل شرطًا أساسيّا لممارسة النّشاط الزّراعي الذي يعتبر عمود الاقتصاد المحلّي.

 

من جهة أخرى، يقع هذا  الإقليم  على مسافة بعيدة نسبيًّا (أكثر من 150 كلم) من العاصمة، القلب النابض للحراك الوطني على جميع المستويات، وهو بعيد أيضا عن المراكز الحضريّة الكبرى على غرار القيروان ومناطق الساحل. وهذا الموقع الجغرافي لم يمكّن الجهة إذن من ربط علاقات متينة مع محيطها الوطني والإقليمي والدّولي. ولإن كان هذا المعطى الجغرافي مهمًّا في تحديد مستوى الحراك بالجهة مقارنةً بجهات أخرى منفتحة على العالم الخارجي إلاّ أن ذلك لا يرتقي إلى مستوى الحتميّة بدليل أن هذه المنطقة سجّلت مثلاً خلال الفترة الرّومانية “ازدهارًا” واضحًا اقتصاديّا وعمرانيّا محوره عدة مدن ظلّت مشعّة لوقت طويل مثل “بلاريجيا” و”شمتو” و”دقّة” و”سبيطلة” وغيرها، والتي أشادت بها المصادر الأدبيّة والآثار التي لازالت قائمة إلى حد اليوم.

 

معنى هذا أنّ روما نجحت في تثمين ثروات المنطقة واستغلال مقدراتها مع إعطاء بعض الامتيازات للسكّان المحليين (على الأقل الأثرياء منهم) ممّا جعلها مندمجة في المجال  الرّوماني العام لا تختلف كثيرًا عن مناطق أخرى، رغم أنها تراجعت خلال العهد الإسلامي لتفقد بريقها وإشعاعها الذي كانت عليه، وذلك بالنظر إلى تغيّر استراتيجيّة الدّولة في تعاملها مع المجال. من هذا المنطلق لا تبدو الهامشيّة حتميّة جغرافيّة إذ العوائق الطبيعيّة يمكن تذليلها إذا ما توفرت الإرادة السياسية للسلطة المركزية. ثم إنّ هذه الخاصية من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر في نمط الحياة بالجهة التي تغلب عليها البدواة.

 

غلبة البداوة وضعف ظاهرة التمدن:

من المعلوم أن المدينة هي النّواة الأصلية للحضارة عبر التّاريخ ومحرّكها الأساسي. ولك أن تنظر في كلّ الحضارات القديمة التي شهدها العالم وخاصة بالمنطقة المتوسطية، كالحضارة العراقية والمصرية والإغريقية والقرطاجية، وغيرها. فكل المنجزات الحضاريّة من تقنيات وعلوم وفنون وعمارة تطورت في أطر حضريّة، هذا علاوة على التلاقح بين الحضارات الذي يمثل سمة بارزة في تاريخ تلك المنطقة من العالم.

 

لكن هذا الشّرط في التقدم لم يتوفّر بالقدر الكافي في جهة الشمال الغربي التونسي التي ظل  طابعها الريفي السّمة المميزة، ذلك أن نسبة الريفيين فيها تعتبر الأعلى في البلاد إذ تقارب 72.1%  من جملة السّكان، أي بأكثر من ضعف المعدل الوطني الذي هو في حدود 34%2. ورغم أن الكثافة السكانيّة مرتفعة جدّا ( 136ساكن/كم2) مقارنة بالمعدل الوطني (64ساكن/كلم2) إلا أن ذلك لم يترجم ضمن تجمّعات حضريّة بل بقي السكن مشتّتا أو في شكل قرى بطريقة غير قادرة على تأطير الناس وتفعيل طاقاتهم الإبداعية. وهذا خلافًا لما هو موجود في المدن الساحليّة عمومًا التي ازدهرت فيها ظاهرة التحضّر منذ زمن بعيد وحافظت على هذا الطابع واستفادت منه كثيرًا ثقافيّا واقتصاديّا.

 

على أن هذا الأمر لا ينفي وجود بعض المراكز الحضريّة البارزة –على الأقل خلال فترة من الزمن- مثل باجة والكاف إذ تشير الدراسات مثلا إلى أنّ في جهة باجة هناك مركزان حضريّان بارزان وهما باجة المدينة وتستور اللّذان أشعا بشكل كبير خاصة خلال الفترة الحديثة. ولا زال الموروث الأثري شاهدًا على ذلك إذ يحتوى هذان المركزان الحضريّان على ما لا يقل عن 14 معلمًا، ومن بينها الجامع الكبير (القرن10م)، الجامع الحنفي (القرن17)، و5 زوايا (زاوية سيدي بوتفاحة، زاوية الخضارين …)، هذا علاوة على القصبة[1].

 

والملاحظ أنّ جهة جندوبة تبدو في هذا الاتجاه استثناء، إذ مقارنة بما هو موجود بمحيطها إذ تغيب فيها المعالم الأثرية (جوامع أو مدارس أو زاويا…) التي تعود للفترتين الوسيطة والحديثة. وهذا ما حرم سكان الجهة من عدة خدمات – خاصة في مستوى التأطير- وذلك على مدى عقود أو ربما قرون من الزّمن. ومما لا شك فيه أنّ لهذا الفراغ العمراني تبعاته الثقافية بناء على نظرة العلامة ابن خلدون الذي يقول: “… ومتى زاد العمران زادت الأعمال ثانية ثم زاد التّرف تابعًا للكسب، وزادت عوائده وحاجاته واُستنبطت الصنائع لتحصيلها، فزادت قيمها وتضاعف الكسب في المدينة لذلك ثانية ونفقت سوق الأعمال بها أكثر من الأول”[2].

 

ولئن كان ضعف التحضر سمة غالبة على نمط الاستقرار بالبلاد التّونسية عمومًا خلال الفترة الوسيطة إلا أن هذه الظاهرة تواصلت فيما بعد في بعض الجهات من بينها جهة الشّمال الغربي خصوصًا، وذلك لغياب شروط الاستمرار. هنا نستحضر وصف العلامة ابن خلدون لسلوك التحضر بالبلاد عموما إذ يقول: “المباني التي كانت تخطّها العرب يسرع إليها الخراب إلاّ في الأقلّ، والسّبب في ذلك شأن البداوة والبعد عن الصّنائع… فقد كانت مواطنها (المدن) غير طبيعيّة للقرار، ولم تكن في وسط الأمم فيعمّرها الناس فلأوّل وهلة من انحلال أمرهم وذهاب عصبيّتهم التي كانت لها سياجًا أتى عليها الخراب والاحلال كأن لم تكن”[3].

 

ضعف مستوى التأطير وقلّة القادة:

مع نهاية القرن 19 بدأ الوعي المؤسّسي في تونس يظهر ويتطور تدريجيّا كشكل من أشكال التّطور الحضاري. من مؤشرات ذلك بداية التأطر ضمن جمعيات، وإن كانت الممارسة الخيريّة في تونس – باعتبارها مبادرة فردية- قديمة وأصيلة فكرًا وممارسة، وتتمثل في بناء بعض المؤسسات الخيرية وتمويلها (المدارس، الكتاتيب، مستشفيات…). ثم إن كثرة الجمعيّات وتنوّعها في منطقة ما يعكس أولاً مستوى الوعي الحضاري، وثانيًا يرسخه عبر الأجيال فيصبح سلوكًا جماعيّا. وهذا الأمر ينعكس بصفة مباشرة على الوضع التنموي بالجهة. والعكس صحيح.

 

وتشير الدّراسات أنّ أول نص قانوني يعود إلى نهاية ثمانينات القرن 19 إذ أصدر علي باي سنة 1888 قانونًا يسمح بتكوين الجمعيات، ثم قدّم أمر 6 أوت 1936 أوّل تعريف للجمعيّة وشروطها. وتحدث دستور 1959، في فصله الثّامن، عن الجمعيّات، على إثر ذلك صدر قانون في 1 نوفمبر 1959 ينظم الجمعيات، تم تنقيحه بالقانون الأساسي عدد 90 لسنة 1988 المؤرخ في 2 أوت 1988، ثم بالقانون الأساسي عدد 25 لسنة 1992 المؤرخ في 2 ماي 1992. هذا الإطار التنظيمي سمح بظهور عديد الجمعيات وفي اختصاصات مختلفة. ففي مجال الجمعيّات الثقافيّة نجد “الخلدونيّة” (1896)، و”قدماء الصّادقية” (1906)، وفي مجال الجمعيات الخيرية، هناك “الجمعيّة الخيريّة التكيّة” (1905)، و”جمعيّة البرّ العربيّة بصفاقس” (1913). ونجد في مستوى الجمعيات الشّبابية، “المنظمة التّونسية للشبيبة المدرسية” (1931)، و”الكشّافة التونسية” (1933). هذا علاوة على الجمعيات الفنيّة والمسرحيّة  والرياضيّة[4].

 

أما من حيث الكمّ فقد تطور عدد الجمعيات بشكل كبير خاصة ما بعد الاستقلال: من 1976 جمعية قبل 1988 إلى 5134 جمعيّة كإحداثات جديدة في العشرية الأخيرة من القرن 20 (بين 1988و1999)، وبلغ مجموعها العام إلى غاية 1999: 7110جمعيّة[5].

لكن إذا عدنا إلى جهة الشّمال الغربي وجدنا أن نصيبها ضعيف مقارنة بالمستوى الوطني وخاصّة ببعض الجهات الأخرى بحيث لا يزيد عن 8.4%.

نصيب بعض ولايات الشمال الغربي من مجموع الجمعيات[6]

التصنيف

 

ثقافية

وفنية

رياضية علمية تنموية ودادية خيرية، اسعافية، اجتماعية ذات صبغة عامة نسائية المجموع
جندوبة 198 22 2 3 1 4 0 0 230
باجة 125 28 1 2 6 8 0 0 170
الكاف 163 26 1 3 3 3 1 0 200
مجموع ثلاث ولايات 486 76 4 8 10 15 1 0 600
المجموع الوطني 4986 962 224 191 408 277 54 8 7110

 

إضافة إلى الضعف في عدد الجمعيات فإن الغلبة تبدو للجمعيات ذات الصبغة الثقافية والفنية والرّياضية، خلافا للجمعيات ذات الصبغة العلميّة والتنمويّة والاجتماعية، وخاصة النسائية التي تبدو ضعيفة جدّا. وعليه فإن قلة المؤسسات التأطيرية والهياكل الحاضنة للطاقات والصاقلة لها بسبب قلة التجربة وضعف البنية الماديّة للأهالي قد تولّدت عنها ذهنيّة معيّنة تغلب عليها النزعة السلبيّة والانطواء على الذات بما يهدر إمكانات وطاقات إبداعية كبيرة.

 

وهذا يحيلنا إلى مسألة قلّة القادة بهذا الجهة. فالمعلوم أن من صفات القائد أنه يمتلك شخصيّة كاريزماتية لها قدرة على شدّ النّاس حولها وعلى توجيههم في الاتّجاه الصحيح. كما يتميّز القائد بعقل مبدع يفكر من خارج النّسق العام بخلاف ما يفعل بقيّة الناس، وله قدرات استشرافية كبيرة، لا يعيش فقط لحاضره بل يخطط للمستقبل، ويقترح المشاريع المفيدة. وعلاوة على القدرة على التّضحية في سبيل المجموعة (أو الوطن) فإنّ القائد يجعل من مصلحة النّاس بوصلةً لحياته، ويبادر زمن الأزمات والوضعيّات المستشكلة. كلّ هذه الميزات تجعل القائد قادرًا على تجميع النّاس حول بعض الأفكار أو الآراء أو السياسات بما يجمّع الطاقات المتوفرة بالجهة ويصنع بالتّالي منجزًا حضاريًّا ما (علميا أو سياسيّا أو عسكريّا). فكلّ مجموعة بشرية لها طاقات كثيرة كامنة فيها تضيع وتذهب ريحها إن لم تجد من يكتشفها ويجمّعها ويصقلها، وينتج منها قيمة حضاريّة مضافة. ولعل هذا هو حال جهة الشّمال الغربي.

 

أبرز الشّخصيات المشهورة بجهة الشّمال الغربي

الإسم الفترة الاختصاص
 

 

جندوبة

1 خميس الحجري ت 1957 شهيد الغزو الفرنسي
2 عبد الحميد المرزوقي 1936-1996 مناضل صلب الحزب الإشتراكي الدستوري
3 عبد الرزاق الكافي ت 1924 من فحول الشعراء الشعبيين
4 محمد صالح الأطرش ت 1881 قائد مقاومة للحملة العسكرية الفرنسية (1881)
 

 

 

 

باجة

5 حبيبة مسيكة 1893- 1930 فنانة
6 حمودة الطرابلسي ت 1860 عالم
7 الشيخ حميدة بن الشيخ ت 1759 عالم
8 عبد السلام الربعي ت 1833 ثائر
9 الشيخ عثمان الأوراسي ت 1751 عالم
10 الشيخ علي شعيب 1691-1777 فقيه
11 الحاج علي الكوندي 1619-1708 فقيه (قدم من الأندلس حيث نشأ)
12 عمار فرحات 1911-1987 رسام
13 الشيخ محمد بن اسماعيل 1905-1984 من شيوخ المالوف والموشحات الأندلسية
14 محمد الصغير الباجي ت 1830 أديب وكاتب:”المشرع الملكي”
15 محمد العربي التواتي ت 1745 عالم
16 محمد بن مامي الحنفي 1674-1746 فقيه
17 محمد العربي زروق ت 1822 من أعيان مدينة باجة
18 الشيخ محمد السبعي ت 1737 عالم
19 محمد الشافعي بن القاضي 1692-1766 أديب، شاعر، فقيه (ولد بباجة ونشأ في تونس)
20 محمد بن عبد الله القلشاني 1353-1435 قاض
21 محمد المسلمي ت 1040 شاعر
22 محمد المختار المنكبي ت 1812 فقيه (نشأ بتونس)
23 المختار العياضي 1712-1760 أديب، كاتب، شاعر
24 يوسف بن ذا النون ت 1838 عالم وفقيه
 

 

الكاف

25 صالح الكواش 1725-1803 فقيه وإمام
26 صليحة 1914-1958 مطربة
27 عبد اللطيف البرقاوي 1919-1985 مناضل وديبلوماسي
28 علي بن نصيب ت 1897 عالم فلكي
29 فتحية خيري 1918-1996 مطربة
30 محمد الجدي 1922-1972 مناضل في الحزب الدستوري والاتحاد وتقلّد وظائف في الدّولة
31 محمد السنوسي الكافي 1765-1839 من مشاهير أهل العلم والقضاء
32 محمد بن صالح ت 1749 عالم
33 محمد الشاذلي بن فرحات القرن 19 تولى عمالة الكاف وباجة والجريد والوطن القبلي
34 محمد الكافي 1861-1960 فقيه مالكي صوفي
35 محمد المقداد الورتاني 1875-1950 أديب، شاعر، مؤرخ
36 محمد  بن أحمد الورغي 1713-1776 أديب، شاعر
37 نصر الكافي ت 1826 فقيه مالكي

 

فمن ضمن 1545 شخصيّة وطنيّة ضبطها محمد بوذينة في كتابه “مشاهير التّونسيين” لم يزد نصيب الشّمال الغربي عن 37 شخصيّة فقط من علماء و فقهاء وسياسيين وفنّانين وكتاب، أي ما يعادل 2.39% من المجموع الوطني[7]. وداخل هذا الفضاء هناك تباين، ذلك أن مشاهير جندوبة مثلا ينتمون إلى الفترة المعاصرة دون غيرها. من جهة أخرى تفتقر الجهة إلى رموز سياسية بأتمّ معنى الكلمة يكونون قد نشطوا خلال عهد الدولة الوطنية.  فهؤلاء كان يمكن أن يدافعوا عن مصالح الجهة في مختلف المجالات وخاصة التنموية منها. فإذا أخذنا ولاية جندوبة مثلاً لم نجد خلال ثلاثة عقود من حكم بورقيبة سوى محمد اليعلاوي الذي شغل منصب وزير في عهد حكومة الهادي نويرة (1970-1980)، وذلك لمدة 14 شهرًا فقط (انطلاقًا من سبتمبر 1978). وهذا ما يعادل 0.18% فقط من المجموع الوطنيǃ[8].

 

توزع الوزراء حسب بعض الولايات[9].

عدد الوزراء النسبة من المجموع النسبة من السكان
تونس 36 26.3%  

62.7%

19.9%  

36.7%

المنستير 27 15.3% 4.05%
سوسة 15 10.9% 4.6%
صفاقس 14 10.2% 8.2%
الكاف 3 2.2%  

4.4%

3.5  

12.5%

باجة 2 1.5% 3.9
جندوبة[10] 1 0.7 5.1
الجملة 137 100% 100%

 

في الختام يمكن القول إنّ حالة التهميش التي عليها جهة الشّمال الغربي التّونسي هي عمليّة مركبة تتداخل فيها جملة من العوامل المختلفة، منها ما هو تاريخي ومنها ما هو طبيعي، ومنها أيضًا ما هو سياسي، ذلك أنّ السّلطة المركزية ومنذ عصر البايات كانت في حالة قطيعة أو شبه قطيعة مع منطقة خمير وما جاورها. وتدعّمت هذه القطيعة زمن الدّولة الوطنية لانحياز المنطقة إلى الزّعيم صالح بن يوسف زمن الصّراع البورقيبي اليوسفي. ثم إن هذه التركة الثّقيلة تتطلب من الجميع أحزابًا وجمعيّات أن تكون لها سياسة إرادية لصناعة القرار والقادة القادرين على تحمل مسؤولية النهوض بالجهة. أضف إلى ذلك أن تمتين العلاقة بين الجهة ومصادر القرار السّياسي والاقتصادي من شأنه أن يجعل المنطقة يطيب فيها العيش، قادرة على توطين أبنائها، وهي إحدى الشروط للاستفادة من خبراتها والقطع بالتالي مع ماض كانت فيه الجهة معزولة وطاردة لكفاءاتها.

 

المراجع و الهوامش:

[1]  الحمروني، أحمد، بلاد باجة. مدائن ومعالم وأعلام، تونس، دار سحر، 2007، ص41 فما بعد .

[2]  نفس المرجع، ص  399.

[3]  بن خلدون، عبد الرحمان، المقدمة، بيروت، دار الجيل (د.ت)، ص  398.

[4]  رضا خماخم، الجمعيات في تونس، دراسة حول الجوانب القانونية للنشاط الجمعياتي، تونس، شركة أوريس للطباعة، 1999، ص 15.

[5]  نفس المرجع، ص 519-520.

[6]  نفس المرجع، ص  523 وما بعد.

[7]  بوذينة، محمد، مشاهير التونسيين، من الفتح الإسلامي إلى عهد الجمهورية، تونس، شركة فنون الرسم والنشر والصحافة، 1988 (509ص)

[8]  منير الشرفي، وزراء بورقيبة. دراسة ترسم ملامح الوزير التونسي في عهد الحكم الفردي، مطبعة تونس قرطاج، 1987، ص249 .

[9]  نفس المرجع، ص249.

[10]  لكل ولاية من الولايات التالية أيضا وزيرا واحدا: توزر، سليانة، قبلي. أما الولايات التي لم يكن لها ولا وزيرا فهي: تطاوين، سيدي بوزيد، زغوان .

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet